مقال

ثلث دستة مشاكل 

جريدة الأضواء

ثلث دستة مشاكل

 

بقلم عبير مدين

 

جمعتني بها الصدفة سيدة في العقد الثالث من عمرها رغم الحزن الذي يكسو وجهها لكن لم يخفي ملامحها الجميلة تحمل طفلا على كتفها لم يكمل عامه الثاني يبدو عليه مصاب بمتلازمة داون و تمسك طفلين بيدها أحدهما يبدو منكمشا على نفسه فيما اقترب مني الآخر، أمسك يدي ونظر لي مبتسما.

اخرجت من حقيبتي بعض قطع الحلوى أعطيته وشقيقيه تهلل طفلان فرحا بها بينما الثالث لم يتأثر فيما اقتربت من ألام ذات الملامح التائهة ظنا مني أنها ضلت الطريق وتريد أن يدلها أحدا،

قالت والدموع تسيل من عينها أنها لا تدري أين تذهب سألتها والحيرة تملكت مني هل يمكنني مساعدتك؟

فقالت بلهفة يا ليت، لم تنتظر أن اسألها كيف فقالت كمن تحدث نفسها بصوت اقرب للهمس كنت فتاة من أسرة فقيرة ترى مثل آلاف الأسر أن زواج البنت سترة تقدم للزواج مني شاب يعمل عتالا على إحدى سيارات النقل فسارع اهلي بالموافقة وتزوجت في حجرة صغيرة، كان زوجي يسئ معاملتي وعندما أشكو لأهلي أو اغضب يعيدوني إليه بحجة أن زواجنا كزواج الاقباط لا طلاق فيه ، حاولت تحمل الضرب والإهانة والطرد في منتصف الليل مع اطفالي الصغار، احيانا كان الجيران يستضيفوننا للمبيت حتى إذا طلع الصباح اعادوني إليه واحيانا أخرى أنام معهم على الرصيف لا ادري ماذا افعل خصوصا وأن طفلي الثاني جاء مصاب بالتوحد و بمرور الأيام اكتشفت أن زوجي مريض نفسي وخضع أكثر من مرة للعلاج دون فائدة وأخفى علي

كثيرا ما يترك العمل و يتركنا بلا مال ولا طعام

قررت أن أعمل حتى أربي اطفالي لكن العمل يحتاج أن أضع اطفالي في دار حضانة المشكلة أن الدار ترفض قبول طفلي المصاب بالتوحد

البعض عرض علي المال مقابل أن أفرط في نفسي لكني اخاف الله ولا اجد عملا يسمح بوجود اطفالي معي وبالأمس طردنا مثل ليالي كثيرة وعندما عدت في الصباح رفض أن يفتح لنا ولا ادري ماذا افعل، حاولت مساعدتها بمبلغ بسيط اجهدتني حتى قبلت وقالت أين أذهب بأطفالي ومن يتحملنا؟

ومع تكرار تعديه عليا بالضرب وذهابي غاضبة عند اهلي تذمروا رفضوا أن أعيش معهم في ظل هذا الغلاء وضيق ذات اليد وقالوا اولادك أبوهم مسؤول عنهم وعنك. فإما أن أطلب الطلاق لأعود لأهلي بمفردي تاركة أولادي له قد يلحق بهم أذى أو أعيش معهم هكذا مشردين في الشوارع.

لم أشاء أن أخبرها أن طفلها الثالث يبدو غير طبيعي هو الآخر حتى لا ازيدها هما أو ربما أخبرها أحدهم في مكتب الصحة وهي لعدم ثقافتها لم تدرك خطورة الأمر لأنها لم تتحدث سوى عن طفلها المصاب بالتوحد والذي يبلغ من العمر حوالي أربع سنوات

والآن بعد أن كان عندنا مشكلة واحدة وهي في اسوء تقدير مشكلة فتاة عانس أصبح عندنا ثلث دستة مشاكل.

لابد من ضرورة توقيع الكشف الطبي على المقبلين على الزواج وعمل دراسة اجتماعية عنهم خاصه في القرى والمناطق النائية و الفقيره حتى نتجنب قدر الإمكان مشاكل مستقبلية لأن الزواج احيانا لا يصبح سترة لكن يصبح كارثة وجريمة تدفع اجيال ثمنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى