مقال

الدكروري يكتب عن الإمام البيضاوي ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام البيضاوي ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

كما له مصباح الأرواح في الكلام، وقد شرحه القاضي عبيد الله بن محمد الفرغاني العبري والكتاب مخطوط، ومنتهى المنى في شرح أسماء الله الحسنى، وتحفة الأبرار في شرح مصابيح السنة للبغوي، ورسالة في موضوعات العلوم وتعاريفها وهو مخطوط، وكما له نظام التواريخ، وهو عن تاريخ الدولة الفارسية وقد كتبه باللغة الفارسية، وهو مخطوط، وله تسبيع البردة، المسمى، الكواكب الدرية تسبيع البردة البوصيرية في مدح خير البرية، وهو تسبيع للبردة المباركة، يبتدأ فيها بقوله “الله يعلم ما بالقلب من ألم ومن غرام باحشاء ومن سقم” والناشر دار الأنصار للطباعة والنشر والتوزيع، ميدان الحسين، بالقاهرة، وقال عنه السيوطي في كتابة بغية الوعاة كان إماما علامة، عارفا بالفقه والأصلين والعربية والمنطق، نظارا صالحا، متعبدا، شافعيا وقال ابن قاضي شهبة في طبقاته صاحب المصنفات، وعالم أذربيجان، وشيخ تلك الناحية.

 

وقيل أهمله الذهبي ولم يذكره في كتابه العبر كما قال ابن شهبة، وقال السبكي كان إماما مبرزا نظارا خيّرا، صالحا متعبدا، وقال ابن حبيب وتكلم كل من الأئمة بالثناء على مصنفاته، ولو لم يكن له غير كتابه المنهاج الوجيز لفظه المحرر لكفاه، وولي القضاء بشيراز، وأما عن كتاب أنوار التنزيل فهو تفسير العلامة البيضاوي، وهو تفسير متوسط الحجم، جمع فيه صاحبه بين التفسير والتأويل، على مقتضى قواعد اللغة العربية، وقرر فيه الأدلة على أصول أهل السنة، وقد اختصر البيضاوي تفسيره من كتاب الكشاف للزمخشري، ولكنه ترك ما فيه من اعتزالات، وإن كان أحيانا يذهب إلى ما ذهب إليه صاحب الكشاف، ويقول الجلال السيوطي رحمه الله في حاشيته على هذا التفسير المسمّاة بنواهد الأبكار وشوارد الأفكار، وإن القاضي ناصر الدين البيضاوي لخص هذا الكتاب فأجاد، وأتى بكل مستجاد، وماز فيه أماكن الاعتزال.

 

وطرح موضع الدسائس وأزال، وحرر مهمات، واستدرك تتمات، فظهر كأنه سبيكة نضار، واشتهر اشتهار الشمس في رائعة النهار، وعكف عليه العاكفون، ولهج بذكر محاسنه الواصفون، وذاق طعم دقائقه العارفون، فأكب عليه العلماء تدريسا ومطالعة، وبادروا إلى تلقيه بالقبول رغبة فيه ومسارعة” وكما يقول صاحب كشف الظنون، وتفسيره هذا وهو يريد تفسير البيضاوي هو كتاب عظيم الشأن، غني عن البيان، لخص فيه من الكشاف ما يتعلق بالإعراب والمعاني والبيان، ومن التفسير الكبير ما يتعلق بالحكمة والكلام، ومن تفسير الراغب ما يتعلق بالاشتقاق وغوامض الحقائق ولطائف الإشارات، وضم إليه ما روى زناد فكره من الوجوه المعقولة، فجلا رين الشك عن السريرة، وزاد في العلم بسطة وبصيرة، ولكونه متبحرا جال في ميدان فرسان الكلام، فأظهر مهارته في العلوم حسبما يليق بالمقام.

 

كشف القناع تارة عن وجوه محاسن الإشارة، وملح الاستعارة، وهتك الأستار أخرى عن أسرار المعقولات بيد الحكمة ولسانها، وترجمان المناطقة وميزانها، فحل ما أشكل على الأنام، وذلل لهم صعاب المرام، وأورد في المباحث الدقيقة ما يؤمن به عن الشبه المضلة وأوضح لهم مناهج الأدلة، والذي ذكره من وجوه التفسير ثانيا أو ثالثا أو رابعا بلفظ قيل، فهو ضعيف ضعف المرجوح أو ضعف المردود، وأما الوجه الذي تفرد فيه، وظن بعضهم أنه مما لا ينبغي أن يكون من الوجوه التفسيرية السنية، كقوله وحمل الملائكة العرش وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له، ونحوه، فهو ظن من لعله يقصر فهمه عن تصور مبانيه، ولا يبلغ علمه إلى الإحاطة بما فيه، فمن اعترض بمثله على كلامه كأنه ينصب الحبالة للعنقاء، ويروم أن يقنص نسر السماء لأنه مالك زمام العلوم الدينية، والفنون اليقينية، على مذهب أهل السنة والجماعة.

 

وقد اعترفوا له قاطبة بالفضل المطلق، وسلموا إليه قصب السبق، فكان تفسيره يحتوي فنونا من العلم وعرة المسالك، وأنواعا من القواعد المختلفة الطرائق، وقل من برز في فن إلا وصده عن سواه وشغله، والمرء عدو لما جهله، فلا يصل إلى مرامه إلا من نظر إليه بعين فكره، وأعمى عين هواه، واستعبد نفسه في طاعة مولاه، حتى يسلم من الغلط والزلل، ويقتدر على رد السفسطة والجدل وأما أكثر الأحاديث التي أوردها في أواخر السور، فإنه لكونه ممن صفت مرآة قلبه، وتعرض لنفحات ربه، تسامح فيه، وأعرض عن أسباب التجريح والتعديل، ونحا نحو الترغيب والتأويل، عالما بأنها مما فاه صاحبه بزور، ودلى بغرور ثم إن هذا الكتاب رزق من عند الله سبحانه وتعالى بحسن القبول عند جمهور الأفاضل والفحول، فعكفوا عليه بالدرس والتحشية، فمنهم من علق تعليقه على سورة منه، ومنهم من حشى تحشية تامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى