مقال

الدكروري يكتب الحكمة من شرعية النكاح ” جزء 7″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب الحكمة من شرعية النكاح ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

فمن أهم صفات الزوج المثالي هو تقديره وتكريمه لزوجته، واحترام أنوثتها، وفهمه للغاية من زواجه بها، حيث لا يقتصر ذلك على الإشباع الجسدي فقط، وإنما يتعداه إلى فهمه لمميزاتها وإيجابياتها واللطف والمودة حيث تفضل المرأة الرجل الودود الدافئ والإيجابي على المتغطرس الفظ، وإن كان الرجل يواجه يوما وظيفيا سيئا فمن الأفضل أن يخفف من توتره قبل العودة إلى المنزل، لأن الزوجة بدورها وبانشغالاتها تكون قد مرت بيوم عصيب أيضا، وتحتاج إلى أن يكون زوجها هادئا عند عودته إلى المنزل والقدرة على إدارة الخلافات وحلها وتعتبر الخلافات جزء طبيعي في حياة الزوجين، وعلى الزوج أن يكون قادرا على إدارة هذا الخلاف وعدم تركه يتجه إلى منحيات تهدد العلاقة الزوجية، ومن ثم العمل على حل المشكلة بأقل قدر ممكن من الخسائر، بأن يجلس وزوجته.

 

ويتحدثان حول المشكلة ويحاولان إيجاد حلّ يرضيهما كليهما، كما أن الزوج المثالي يحاول قدر المستطاع المحافظة على هدوئه، وتقليل التوتر في المواقف الصعبة، وأما عن الحالات التي يجوز للمرأة طلب الطلاق فيها وهي أن تكره خلق الزوج أو خُلقه وتبغضه بحيث لا تطيق العيش معه وإن كان صالحا في دينه ويكون في نظرها بمنزلة المحارم فيحل لها طلب الطلاق منه فإن فعل إحسانا منه كان طلاقا وإن طالبها العوض كان ذلك خلعا لحديث ابن عباس رضي الله عنهما “أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته ؟ قالت نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة” رواه البخاري، وكذلك أن تكره دين الزوج.

 

ويكون في بقائها معه ضرر في دينها بحيث يكون الرجل فاسقا لا يؤدي الفرائض أو يتعاطى المسكرات أو يعرف بفعل الفواحش أو يأمرها بالتبرج وفعل المنكرات ونحو ذلك من الكبائر الخطيرة فتحاول وتسعى في إصلاحه وإن لم يصلح فيحق لها طلب الطلاق منه وقد يجب حفظا لدينها فإن امتنع رفعت أمره للحاكم ليفسخها منه، وذلك لحديث النبي صلي الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” رواه ابن ماجه، وكذلك أن يكون في عيشها معه ضرر عليها من الناحية الجسدية أو النفسية كأن يكون ظالما يعتدي عليها بالضرب والسب والشتم ولا يقيم لها أي حرمة أو يؤذيها نفسيا بالإهانة والتعنيف وجرح كرامتها والطعن بعرضها ويعاملها معاملة العبيد ويكون ذلك سلوك دائم منه فتنصحه وتعظه وتحاول استصلاحه وتستعين بأهل الفضل فإن صلح فالحمد لله وإن لم يصلح طلبت الطلاق منه وتخلصت من شره.

 

وكذلك أن يترك القيام بحقوقها الواجبة كأن يكون بخيلا مقترا عليها في النفقة أو يمنعها النفقة بالكلية لإعسار أو غيره أو يكون تاركا لوطئها بالكلية مما يلحق الضرر بها ويعرضها للفساد أو لا يهيئ لها سكنا صالحا لمثلها عرفا، أو يهجرها ويترك المبيت عندها لغير سبب موجب فتطالبه بحقوقها وتخوفه الله فإن لم يؤتها حقوقها أو لم يصالحها جاز لها طلب الطلاق لفوات حقوقها، أما ما سوى ذلك من الأحوال والهفوات التي تقع غالبا بين الزوجين في الحياة اليومية من خصومة ونوع غم وكدر واختلاف في الرأي وجفاء في علاقة الأهل أو نقص في المودة والمحبة فلا يحل للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها لأن البيوت غالبا قائمة على المروءة وحسن العشرة لا المحبة كما حكاه الشافعي ولأن الحياة الزوجية لا تسلم غالبا من المنغصات والمكدرات حتى في بيت النبوة والصحابة.

 

وأما عن الخلع، فهو اتفاق بين الزوج والزوجة على أن ينهيا الزواج، بمقابل تدفعة الزوجة للافتكاك من عقد الزواج، وقد يكون هذا الافتكاك بتنازل المرأة عن جزء من المهر أو كل المهر الذي اتفقا عليه في بدء عقد الزواج، ومع أن شريعة الإسلام جعلت الطلاق بيد الرجل وحده، لكنها فتحت سبلا عديدة أمام المرأة المظلومة أو التي لا تطيق العيش مع زوجها لتتحرر من ميثاق الزواج، ولتبدأ حياة أخرى مع زوج آخر، ومن هذه السبل حكم الخُلع الذي أقرته الشريعة الإسلامية وجعلته وسيلة للتفريج عن الزوجة التي تريد الخلاص من حياة الشقاء مع زوجها، بأن تتنازل له عن شيء من حقوقها المادية مقابل الطلاق، وهذا ما فعله النبي صلي الله عليه وسلم مع امرأة الصحابي ثابت بن شماس حين جاءته تشتكي له تعاستها مع زوجها الذي لا تحبه وأنها تعيش معه مكرهة، فأمرها أن ترد عليه بستانه الذي كان مهرا لها، وأمره أن يطلقها تطليقة واحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى