مقال

الدكروري يكتب عن الإمام عفيف الدين التلمساني

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام عفيف الدين التلمساني

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام ابن العفيف هو عفيف الدين سليمان بن علي بن عبد الله بن علي الكومي التلمساني، هو شاعر صوفي، كومي الأصل من قبيلة كومة، تنقل في بلاد الروم، وكان يتصوف ويتكلم على اصطلاح القوم، ولد بتلمسان، ومات بدمشق، تنقل بآسيا الصغرى، وزار القاهرة وباشر بعض الأعمال بالشام، واتبع طريق محي الدين بن عربي، حيث كان يعتقد بوحدة الوجود، فاتهم بالزندقة والميل إلى مذهب العلويين، واتهمه فريق برقة الدين، وقيل كان ابنه الشاب الظريف أشعر منه وفي كتاب “شذرات الذهب” نعته بأحد زنادقة الصوفية وفي كتاب “فوات الوفيات” أن لعفيف الدين في كل علم تصنيفا، ومن أهم مؤلفات الإمام ابن العفيف، هو ديوانه الشعري، وشرح أسماء الله الحسنى، وشرح مواقف النفزي، وشرح منازل السائرين للانصاري الهروي، وشرح فصوص الحكم لابن عربي، وشرح القصيدة النفسية لابن سينا، وكما له رسالة في علم العروض.

 

وديوان من الشعر في الغزل الصوفي والوصف تغلب عليه السهولة والعذوبة، وشرح قصيدة التائية الكبرى لسلطان العاشقين عمر بن الفارض وهو مخطوط، وعفيف الدين، صوفي وشاعر، ولد سنة ستمائة وعشرة من الهجرة، وتنقل في بلاد الروم وسكن دمشق فباشر فيها بعض الأعمال، وقال عنه الذهبي هو أحد زنادقة الصوفية، وقد قيل له مرة أأنت نصيري؟ فقال النصيري بعض مني، وأما شعره ففي الذروة العليا من حيث البلاغة والبيان لا من حيث الإلحاد، وقال ابن كثير وقد نسب هذا الرجل إلى عظائم في الأقوال والاعتقاد في الحلول والاتحاد والزندقة والكفر المحض وشهرته تغني عن الإطناب في ترجمته، وتوفي بدمشق سنة ستمائة وتسعين من الهجرة، وله ثمانون سنة، وترك كتبا أصحها هو شرح الفصوص وشرح منازل السائرين، للهروي وشرح القصيدة العينية لابن سينا، ومن أهم ما يوضح اتجاهه وسوء اعتقاده أن ابن سبعين كان يثني عليه.

 

بل فضله على شيخه القونوي، فإنه لما قدم القونوي رسولا إلى مصر اجتمع بن ابن سبعين لما قدم من المغرب وكان التلمساني مع شيخه القونوي، قالوا لابن سبعين كيف وجدته في علم التوحيد؟ فقال إنه من المحققين لكن معه شاب أحذق منه وهو العفيف التلمساني، أما مذهبه فأكثر إيغالا في الوحدة من جميع ما قبله من المذاهب، لأن أولئك بنو مذاهبهم في الوحدة والاتحاد على الفرق والجمع، أما التلمساني فلا يرى الفرق أبدا، ويقول شيخ الإسلام وأما التلمساني ونحوه فلا يفرق بين ماهية ووجود ولا بين مطلق ومعين، بل عنده ما ثم سوى ولا غير بوجه من الوجوه، وإنما الكائنات أجزاء منه وأبعاض له بمنزلة أمواج البحر في البحر وأجزاء البيت من البيت، فمن شعرهم، البحر لا شك عندي في توحده، وإن تعدد بالأمواج والزبد، فلا يغرنك ما شهدت من صور، فالواحد الرب ساري العين في العدد، لذلك يقول أيضا.

 

والتلمساني أعظمهم تحقيقا لهذه الزندقة والاتحاد التي انفردوا بها وأكفرهم بالله وكتبه ورسوله وشرائعه واليوم الآخر، ومن أقواله الشنيعة في هذا الباب ما حدث به شيخ الإسلام عن أحد شيوخه الذي وصفه بأنه شيخ زمانه، وبالثقة أنه قال قرأت على العفيف من كلامهم شيئا فرأيته مخالفا للكتاب والسنة، فلما ذكرت ذلك له قال والقرآن ليس فيه توحيد بل القرآن كله شرك، ومن اتبع القرآن لم يصل إلى التوحيد، قال فقلت له ما الفرق عندكم بين الزوجة والأجنبية والأخت والكل واحد؟ قال لا فرق بين ذلك عندنا وإنما هؤلاء المحجوبون اعتقدوه حراما فقلنا هو حرام عليكم، وأما عندنا فما ثم حرام، ومن فكره الفاسد ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا من أن شيخهم الشيرازي قال مرة لشيخه التلمساني وقد مر بكلب أجرب ميت فقال هذا أيضا من ذات الله؟ فقال وهل ثم خارج عنه؟ وأيضا مر التلمساني ومعه شخص بكلب فركضه الآخر برجله.

 

فقال لا تركضه فإنه منه، ثم قال شيخ الإسلام وهذا مع أنه من أعظم الكفر والكذب الباطل في العقل والدين، فإنه متناقض، فإن الراكض عندهم والمركوض واحد، وكذلك الناهي والمنهي، فليس شيء من ذلك بأولى بالأمر والنهي من شيء، ولا يعقل مع الوحدة تعدد، وإذا قيل مظاهر ومجالي، قيل إن كان لها وجود غير وجود الظاهر والمتجلي، فقد ثبت التعدد وبطلت الوحدة، وإن كان وجود هذا هو وجود هذا لم يبق بين الظاهر والمظهر والمتجلي فيه فرق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى