مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حيان الأندلسي ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حيان الأندلسي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام أبو حيان الأندلسي هو الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان الغرناطي من كبار العلماء باللغة العربية والتفسير والحديث والتراجم واللغات النفزي، هو الشيخ الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي الجياني الغرناطي ثم المصري الظاهري، والنفزي نسبة إلى قبيلة من البربر، نحوي عصره ولغويه ومفسره ومحدثه ومقرئه ومؤرخه وأديبه، ولد في إحدى جهات غرناطة وتحديدا في بمدينة مطخشارش، والإمام أبو حيان فقيه وعلم آخر من أعلام الفقه العدول المشهورين وله بصمات واضحة في الحديث وروايته وفي علم أحكام الشريعة وقد كان صوفيا أندلسيا في منهجه وطريقة فكره رحمه الله، وقال الذهبي أنه أغزر العرب علما وأعلم مفتي في الأندلس وفي مصر، ولد في واحدة من مناطق غرناطة ولم يطل استقراره في الأندلس بل عاش متنقلا حتى استقر في القاهرة وأصبح مدرسا في مدارس القاهرة.

 

وقال الذهبي في كتابه معرفة القراءة، إنه محمد بن يوسف بن علي بن حيان، العلامة المتبحر في الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي والمقرئ النحوي الذي كتب في الفقه وسائر علوم الدين واتخذ غرناطة مقرا له وأخذ العلم عن أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الحافظ الثقفي وعن المقرئ أبو جعفر أحمد بن علي بن كريهة وغيرهما، وفي تفسير آية “ولا تنابزوا بالألقاب” قال أبو حيان وعن عمر “أشيعوا الكنى فإنها سنة” ولا سيما إذا كانت الكنية غريبة، لا يكاد يشترك فيها أحد مع من تكنى بها في عصره، فإنه يطير بها ذكره في الآفاق، وتتهادى أخباره الرفاق، كما جرى في كنيتي بأبي حيان، واسمي محمد فلو كانت كنيتي أبا عبد الله أو أبا بكر، مما يقع فيه الاشتراك، لم أشتهر تلك الشهرة، وولد الإمام أبو حيان الأندلسي في غرناطة عام ستمائة وأربع وخمسين من الهجرة، وأخذ الإمام أبو حيان الأندلسي العربية في غرناطة على الشيخ أبي الحسن الأبذي.

 

وأبو جعفر الطباع، كما درس في مالقة على الشيخ أبو عبد الله بن عباس القرطبي، وفي بجاية على الشيخ أبو عبد الله محمد بن صالح، وفي تونس على الشيخ أبو محمد عبد الله بن هرون، وفي الإسكندرية على الحافظ عبد النصير المريوطي، وفي مصر على عبد العزيز الحراني وابن خطيب المزة وأبي الطاهر المليجي، ودرس الحديث في مصر على العلامة ابن دقيق العيد والنحو على الشيخ بهاء الدين بن النحاس، وأجاز له خلق من ابن دقيق العيد والحافظ الدمياطي وأبو اليمن بن عساكر، وقد وقعت وحشة بين أبو حيان وأستاذه أبو جعفر، وألف أبو حيان كتابا سماه الإلماع في إفساد إجازة الطباع مما حدا الأخير إلى شكواه لدى السلطان محمد بن نصر الفقيه الذي أصدر الأمر بتنكيله، ما جعل أبا حيان يسارع إلى الفرار وعبور البحر مفتتح سنة ستمائة وتسع وسبعين من الهجرة، وتتلمذ علي الإمام أبو حيان الأندلسي في مصر خلق كثير.

 

على رأسهم تقي الدين السبكي وابنه تاج الدين السبكي، وبدر الدين بن جماعة وكمال الدين الأدفوي وجمال الدين الأسنوي وابن عقيل والسفاقسي والصفدي وغيرهم و قد تصدر أبو حيان لتدريس الحديث في المدرسة المنصورية بالقاهرة، وخلف شيخه بن النحاس في حلقة النحو، وكان الإمام أبو حيان الأندلسي جامعا للمعارف الإسلامية، ملما باللغات الشرقية، فيقول عنه تلميذه الصفدي أنه ثبت فيما ينقله، محرر لما يقوله، عارف باللغة ضابط لألفاظها، وأما النحو والتصريف فهو إمام الدنيا في عصره فيهما، ولم يذكر معه أحد من أقطار الأرض، وله اليد الطولى في التفسير والحديث، وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم، وله التصانيف التي سارت وطارت، وانتشرت وما اندثرت، وقرئت ودرست، ونسخت وما نسخت، أخملت كتب المتقدمين وألهت بمصر المقيمين والقادمين، ويقول عنه السيوطي أنه نحوي عصره ولغويه ومفسره.

 

ومحدثه ومقرؤه ومؤرخه وأديبه، ومن أشهر أعمال أبي حيان وأعظمها هو تفسيره الضخم البحر المحيط الذي يُعد قمة التفاسير التي عنيت بالنحو، وليس له مثيل، وقد ساعد عليه قيامه بالتفسير في قبة السلطان المنصور قلاوون مطلع القرن الثامن، وكما له أيضا، الإلماع في إفساد إجازة الطباع، وارتشاف الضرب من لسان العرب، والتذييل والتكميل، وإتحاف الأريب بما في القرآن من الغريب، والنافع في قراءات نافع، والأثير في قراءة ابن كثير، وتقريب النائي إلى قراءة الكسائي، والإدراك في لسان الأتراك، ونور الغبش في لسان الحبش، والبحر المحيط، والنهر الماد وهو اختصار لتفسيره الذي سمّاه البحر المحيط، ونهاية الإغراب في التصريف والإعراب، وقرأ الإمام أبو حيان الأندلسي كافة القراءات في الإسكندرية عن الشيخ عبدالله الصاحب الصفراوي، وقرء كافة القراءات في القاهرة عن الشيخ أبي طاهر إسماعيل بن المليجي صاحب أبي الكرم.

 

وقرء كذلك كتاب التيسير العام وكتاب المائة وسبعين دولة عن الشيخ حسين أبو علي بن أبي الحفيظ والشيخ أبو سالم بن الربيع، وقرأ الموطأ في سن الثلاثة والسبعين وقرأ لابن الطباع وأخذ العلم و الحديث عن شيخ دمياط وغيرهما، واستمع كذلك لعبد العزيز بن غازي الحلاوي وأتقن على يديه كامل علوم اللغة العربية وعلوم الفقه والآثار والقراءات والنحو وقد كان شعب مصر في ذلك الوقت نهما في طلب العلم وتخرج منه العديد من الأئمة والصالحين وكان هو أحد أئمتهم المشهورين، وكما تلقى أبو حيان علوم اللغة والحديث والقراءات والتفسير من مجموعة واسعة من العلماء والشيوخ الكبار والمعروفين منهم أبو علي وأبو الحسن بن عصفور وأبو الحسن بن الحسن وأبو صائغ وأبو جعفر المعروف بابن كريهة وابن دقيق العيد وكان رحمه الله يهتم أن يحيط بكل علوم العلماء ولا يعتبر العلم حكرا عليه وحده، وكان دائما يقول “هذا هو ما تلقيناه من أفواه الشيوخ في مجالسهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى