مقال

الدكروري يكتب عن الإسلام وتطييب النفوس ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإسلام وتطييب النفوس ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لذلك لا تنسوا جبر الخواطر في حياتكم، فإننا نعيش الآن في عالم كبير ومزدحم، يحتاج الكثير من الناس الحصول على المساعدة بشتى الطرق سواء كانت مساعدة مادية للفقراء والمساكين أو مساعدة معنوية سواء إلى الأهل أو الأصدقاء، والمساعدات المالية حثنا الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أن الإسلام وضعها فريضة علينا ألا وهي الزكاة، ولكن جبر الخواطر يعتقد البعض بأنه شيء ثانوي غير هام مقارنة بالمساعدة المادية، إلا أن كما نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزكاة فرض حثنا على جبر الخواطر بقوله” تبسمك في وجه أخيك صدقة” لذلك جبر الخواطر لا يقل أهمية عن الزكاة أو الفرائض الأخرى بل هي مكملة للدين، وكما يعتبر جبر الخواطر أو المساعدة من الأمور التي لا تأخذ الكثير من الوقت ولا تجعل مواعيدنا مكتظة، فهي من أبسط الأمور التي يمكنك القيام بها سواء داخل محيطك الصغير أو داخل مجتمعك الكبير.

 

سواء كنت فقير أو تملك مال وفير، يحتاج جبر الخواطر فقط أن تكون إنسان، واعلموا أن أحق الناس بجبر الخاطر والمعاملة الحسنة هم أهل بيتك وأرحامك فهؤلاء لهم عليك حق وهى أخوة الإسلام، وحق القرابة والرحم، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلِي” فهم أولى الناس بجبر خواطرهم وتفقّد أحوالهم، ومساندتهم عند مواجهة مصائب الدنيا، ويكفيك أن تعلم ما قاله الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي ” أنا الله، وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته” فاجبر أخي الكريم خاطر رحمك فى كل نازلة وعند كل كرب، واجبر خاطرهم عند كل فرح وعند كل إنجاز بأن تشاركهم فيها وتحتفي بهم، فإن جبر الخواطر خُلق إسلامي عظيم، يدل على سمو النفس وعظمة القلب وسلامة الصدر، ورجاحة العقل، ويجبر المسلم فيه نفوسا كسرت، وقلوبا فطرت، وأجساما أرهقت.

 

وأشخاصا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة، وما أعظم أثرها، ومما يعطي هذا المصطلح جمالا أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى، وهو الجبار، وهذا الاسم بمعناه الرائع يطمئن القلب، ويريح النفس، فهو سبحانه الذي يجبر الفقر بالغنى، والمرض بالصحة، والخيبة والفشل بالتوفيق والأمل، والخوف والحزن بالأمن والاطمئنان، فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج الخلائق، وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين “اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني واجبرني وارزقني” رواه الترمذي، والجبر عادة يقال عن العظم وهو أكثر ما يؤلم عندما يكسر، فنضع له جبيرة كى يلتئم وعكس الجبر، هو الكسر، ولكم أن تتخيلوا كم هو مؤلم كسر العظام ومعروف إنها لا تلتئم بسهولة وأحيانا يترك الكسر شروخا.

 

لذا سمى بالجبر لأنه يحتاج وقتا ولا يأتى ببساطة لأن عادة الجبر يكون لكسر موجع، والخاطر هو القلب أو النفس فيقال أخذ على خاطره، يعنى حزن وقلبه تأثر، وجبر الخواطر بسيط جدا ولكن الأنانية دائما عند البشر تطغى، نخشى من أى فعل من ناحيتنا فى معظم الأحيان من أجل أنفسنا أو الأنا المتضخمة داخلنا، فى العلاقات الزوجية مثلا لا يجبر الزوج خاطر زوجته لأن تطييب الخاطر فى ثقافتنا الخاطئة التى تربينا عليها تقليل قيمة، وفى شجاراتنا تجدنا نفكر فى أنفسنا قبل غيرنا ولا نحاول أن نضع أنفسنا مكان الطرف الآخر، ونفكر دوما بمنطق لماذا أفعل أنا هذا ولا يفعله هو؟ لماذا أبدأ أنا فى الاعتذار ولا يبدأ هو؟ وكالعادة معظمنا لا يعترف حتى أمام نفسه بأنه مخطئ، وكالعادة معظمنا لا يعترف حتى أمام نفسه بأنه مخطئ، مع أننا من الممكن بكلمة طيبة صادقة أن نذيب جبلا من الجليد، جبر خاطر غيرك سينقى قلبك أنت.

 

فاجبر بخاطر أهلك فأنت لا تضمن إلى متى هم معك، واجبر بخاطر أصدقائك فالكلمة الطيبة صدقة، وجبر الخواطر صدقات موزعة، فإن لجأ إليك أحد أعنه ولا تستفرد به أو تستغل ضعفه أو حاجته إليك فتؤنبه أو تتخل عنه، وإن جبر الخواطر خلق عظيم وهو يعني مداواة القلب والنفس من الحزن، وجبر الخواطر عباده هامة يغفل عنها الكثير، فجميعنا نحتاج إلى هذه العبادة التي تقربنا من الله عز وجل، ويمكن أن يكون جبر الخاطر بالكلمة الطيبة أو السؤال والزيارة أو الاعتذار، أو الدعاء أو الابتسامة أي كل ما يدخل السعادة والفرح على قلوب الناس، وإن جبر الخواطر من صفات الأنبياء بالطبع فجميع الأنبياء يتسمون بالرحمة وحسن المعاملة وطيب القلب، وأن جبر الخواطر له أشكال عديدة ومواقف كثيرة فعلها الأنبياء وفعلها الناس من بعدهم ومن أمثلة جبر الخواطر عندما تعطي طفل فقير بعض الحلوى أو هدية صغيرة تفرحه وتدخل السعادة في قلبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى