مقال

الدكروري يكتب عن التحايل علي الحرام حرام ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التحايل علي الحرام حرام ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إنها دعوة من الله سبحانه وتعالى للتجارة معه، فإنها تجارة لا تخسر ولا تبور، يبيع فيها المؤمن نفسه وماله لله سبحانه، والله يشتري الأنفس والأموال من عباده المخلصين الصادقين المؤمنين، والسلعة هي الجنة “ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة” وإنه لجزاء كبير، وفوز عظيم، يتحصل عليه المؤمن المجاهد بنفسه وماله في الآخرة، أما في الدنيا فيبشر الله هؤلاء المخلصين بالنصر القريب منه، وإنما قال سبحانه ” وأخري تحبونها” لأنها غير داخلة في الفوز العظيم، وإنما هي من فوز الدنيا الذي يمتن الله به على عباده الباحثين عن فوز الآخرة ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم “من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة” ويقول المولى عز وجل ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة” فيحث سبحانه وتعالى عباده على الإنفاق في سبيل الله.

 

وقد كرر هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع، وعن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية، قال أبو الدحداح الأنصاري يا رسول الله وإن الله عز وجل ليريد منا القرض؟ قال نعم يا أبا الدحداح، قال أرني يدك يا رسول الله قال، فناوله يده قال فإني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي قال وحائط له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها قال فجاء أبو الدحداح فناداها يا أم الدحداح، قالت لبيك، قال اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل، وإن من أخطر الأشياء هو الذي يبيع ويشتري، فمن دخل السوق بلا فقه، أكل الربا شاء أم أبى، فإذن فقه معرفة الأحكام الفقهية لمن يشترى فرض عين، وأيضا إن الحرام في ديننا حرام على الجميع، فإن هناك قاعدة تقول الحرام في ديننا حرام على الجميع، ولا توجد استثناءات، فالحرام يتسم بالشمول والاطراد، وليس هناك حرام على العجمي، وحلال للعربى، وليس هناك شيء محظور على الأسود، وحلال للأبيض.

 

وليس هناك جواز ولا ترخيص ممنوح لطبقة دون طبقة، ولا لطائفة دون طائفة، فالحرام حرام على الجميع، والحلال حلال للجميع، حتى لو كان الإنسان في مرتبة كاهن، أو رجل دين، فالكل تحت الشرع، وإن المسلم ليس له خصوصية تجعل الحرام حلالا، فإن الله سبحانه وتعالى رب الجميع، والشرع سيد الجميع، فما أحلّ الله لشريعته فهو حلال، وما حرم فهو حرام، فالسرقة مثلا فإن السارق يعاقب أكان مسلما أم غير مسلم، والمسروق منه أكان مسلما أم غير مسلم، يعاقب السارق، فالسارق أو المسروق مسلم أم غير مسلم الحكم واحد، لذلك فى الحديث عن السيدة عائشه رضى عنها قالت، قال النبى صلى الله عليه وسلم “والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا كانوا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد” رواه البخارى، فهذا كان سبب هلاك الأقوام السابقة.

 

ولكن الإسلام هو سواسية مطلقة، فقال تعالى فى سورة المائدة ” ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا” وإن الآية تخاطب المؤمنين، ولكن من هم أعداء المؤمنين؟ فهم الكفار، والمعنى هو يا أيها المؤمنون لا يحملنكم بغضكم للكفار على أن تظلموهم، إعدلوا هو أقرب للتقوى، إن عدلتم معهم كنتم أنتم أقرب إليّ، إعدلوا هو أقرب للتقوى، لكن اليهود كما تعلمون يحرمون أشياء على ملتهم، ويحلون أشياء على غير ملتهم، في الإسلام الحرام حرام على كل الناس، وعلى كل الأجناس، وفي كل مكان، وفي كل زمان، وفى كل المستويات، استثناءات لا يوجد أبدا، هذا هو الدين، فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ألم يقل لجبلة بن الأيهم، أرضِ الفتى، لابد من إرضائه، مازال ظفرك عالقا بدمائه أو يهشمن الآن أنفك، وتنال ما فعلته كفك، فقال كيف ذلك يا أمير؟ هو سوقة وأنا عرش وتاج ؟ كيف ترضى أن يخر النجم أرضا؟

 

فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها، أقمنا فوقها صرحا جديدا، وتساوى الناس أحرارا لدينا وعبيدا، فقال جبلة كان وهما ما جرى في خلدي أننى عندك أقوى وأعز، أنا مرتد إذا أكرهتني، فقال عمر بن الخطاب عالم نبنيه، كل صدع فيه يداوى، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى، وهذا هو الإسلام سواسية مطلقة، وكذلك فإن الحرام حرام على كل الأشخاص، والله عز وجل وصف خلاف هذه الحالة عند اليهود، فقال تعالى فى سورة آل عمران “ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون” فأى إنسان غير اليهود، وأنت كمسلم جاءك شخص غير مسلم يخطر ببالك ولو لثانية واحدة أن تأخذ منه أجرة مضاعفة أو تضحك عليه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى