مقال

الدكروري يكتب عن أعظم قدوة للتطبيق العملي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أعظم قدوة للتطبيق العملي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان النبى صلى الله عليه وسلم، من صفاء معدنه، وإشراقة نفسه، كان يحب الجمال، ويكره القبح، وتهفو نفسه إلى المعاني الرائعة، وتنفر من معاني الشدة والغلظة، حتى أنه غير أسماء أصحابه التي فيها جفوة أوقسوة وبدلها إلى ما فيه رقة وعذوبة، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صورة حية لتعاليم الإسلام السامية في كل شيء، فقد رأى الناس فيه الإسلام رأي العين، فهو أعظم قدوة للتطبيق العملي في تاريخ البشرية كلها، وإن من أبرز الأمثلة على القدوة في شخص رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو ما كان عليه من أخلاق قبل البعثة، حيث كان يعرف قبل الرسالة بالصادق الأمين، وما جرّب قومه عليه كذبا قط، ولقد شهدت له زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها وهي ألصق الناس به، وأكثرهم وقوفا على أفعاله في بيته، بأنه صلى الله عليه وسلم “كان خلقه القرآن” رواه مسلم، وإنما كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن لأنه حكم الوحي على نفسه.

 

 

حتى صار في عمله وعلمه على وفقه، فكان للوحي موافقا قائلا مذعنا ملبيا واقفا عند حكمه، فكان صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض، وإن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في نظر المنصفين من خصومة الإنسان الأول من بين المائة الأوائل في تاريخ البشرية كلها، من حيث قوة التأثير، ومن حيث نوع التأثير، ومن حيث امتداد أمد التأثير، ومن حيث اتساع رقعة التأثير، ومع أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ألزم أتباعه المسلمين باحترام جميع الأنبياء والمرسلين، وجعل الإيمان بهم شرطا لصحة الإيمان، فإن الحديث عن رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، له حلاوة تتذوقها القلوب المؤمنة، وتهفو إليها الأرواح الطاهرة، وهو في ذاته قربة كبرى يتقرب بها العبد المسلم إلى الله عز وجل، وكل مُريد رضوانه ومثوبته سبحانه وتعالى، ورحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم واسعة، فهو بستان العارفين، ومُتنزه المحبين.

 

ويحنون إلى سيرته وشمائله وأخلاقه، فيقطفون منها على قدر جهادهم في حب الله تعالى، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خلق الله عز وجل بني آدم وجعلهم من المكرمين، واختار من بينهم الأنبياء والمرسلين، ووصف أولئك الأئمة الأبرار، بالمصطفين الأخيار، وجعل سيدهم وإمامهم، وخيرهم وأفضلهم، نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، فهو خيار من خيار، اجتباه الله عز وجل لهداية الناس أجمعين، فقال وهو أصدق القائلين “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” ولقد جمّل الله خلقه وكمّل خُلقه، وأتم عليه النعمة إتماما، وجعله للناس كلهم إماما، ووصفه بأحسن الصفات، ونعته بأطيب النعوت والكمالات، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا، قد تجلت لنا مظاهر رحمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حتى شملت القاصي والداني، والقريب والبعيد، والصديق والعدو، والبر والفاجر، وتلكم هى رحمة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالعامة.

 

فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” لن تؤمنوا حتى تراحموا” قالوا يا رسول الله، كلنا رحيم، قال صلى الله عليه وسلم “إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة” رواه الطبراني، وإن من الأخلاق الكريمة، التي لا تصدر إلا عن أهل الفطر المستقيمة، والقلوب النقية السليمة، ذلك الخُلق الكريم المتمثل في الاعتراف بالجميل ومكافأة مسديه، وقد أمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالمكافئة على المعروف فقال صلى الله عليه وسلم “ومن صنع إليك معروفا فكافئوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه” ألا وإن أعظم الناس عليكم معروفا، هو صاحب المعروف عليكم آبائكم وأمهاتكم، وإخوانكم وأخواتكم، بل وعلى جميع المسلمين والمسلمات، إنه النبى الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي تفضل الله عز وجل عليه بالرسالة فجعل له فضلا في هداية المسلمين إلى هذا الدين القويم.

 

نعم إنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي صبر وصابر واجتهد وجاهد، ليقول للناس لا إله إلا الله، فيفوزوا بعز الدنيا ونعيم الآخرة، فمنزلته بين الناس أعلى المنازل، وحقه عليهم أعظم الحقوق صلى الله عليه وسلم، فمن حقوقه صلى الله عليه وسلم بل هو أول حقوقه على الناس وأولاها هو الإيمان به صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله حقا ونبيه صدقا وأن الدين الذي يقبله الله هو الدين الذي بعثه الله تعالى به، وأن من كفر به من النصارى واليهود وغيرهم، من أهل الملل والأديان فهو كافر بالله العظيم، وهو من أهل النار بمشيئة الله وعدله، كما قال تبارك وتعالى”ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار” رواه مسلم.

 

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهيب بالأمة كلها أن تقف لنصرة المظلوم أيا كان مستواه ومكانته، حيث ربط بين هذه القضية وقضية كرامة الأمة نفسها، فقال صلى الله عليه وسلم، كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفها من شديدها حقه وهو غير متعتع” رواه ابن ماجه، وكان الصالحون رضوان الله عنهم لهم حال مع الضعفاء والفقراء والمساكين، ولقد أثر عن علي زين العابدين رحمه الله، أنه كان إذا جنّ عليه الليل حمل الطعام على ظهره إلى بيوت الأرامل والأيتام، وكان إماما من أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدين، ومع ذلك تواضع لله عز وجل، لعلمه أن الله يحب منه تلك الخطوة، ولعلمه أن جبر تلك القلوب يجبر الله به كسر العبد في الدنيا والآخرة، فخرج رحمه الله في الظلام بعيدا عن الرياء والسمعة والثناء، يشتري بذلك رحمة الله سبحانه، فلما توفي رحمه الله، فقدت تلك البيوت من كان يقرع عليهم في جوف الليل.

 

وفي بعض الروايات، كان ما يقرب من ثلاثين بيتا من ضعفة المسلمين، كان يمشي إليها بخطواته، فمات رحمه الله وما ماتت تلك الخطى، وسيراها بعينيه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى