مقال

الدكروري يكتب عن أحوال ثبوت السرقة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أحوال ثبوت السرقة

بقلم / محمــــد الدكـــــروري

 

إن من عرّض إيمانه للضياع فأي عمل سيكون مقبولا عند الله عز وجل؟ لأننا كلنا نعلم بأن العمل الصالح لن يُقبل إلا على أساس من الإيمان، وأما عن ثبوت السرقة، فإنها تثبت السرقة بأمرين، وهما بالإقرار بأن يقر السارق على نفسه بالسرقة، وأيضا بالشهادة بأن يشهد عليه رجلان عدلان بأنه سرق، ولا تقبل شهادة النساء في الحدود، فإذا تمت هذه الشروط وجب القطع، وإن اختل شرط منهما سقط القطع، وللإمام التعزير بما يراه مناسبا، فإذا ثبتت جريمة السرقة وجب إقامة الحد على السارق وهو قطع يده اليمنى من مفصل الكف، ويغمس موضع القطع من مفصل الذراع في زيت مغلي لتسد أفواه العروق فينقطع الدم، وإذا سرق ثانية قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب، فلا تقطع يداه، لأن قطع يديه يفوت منفعة الجنس، فلا تبقى له يد يأكل بها، ولا يتوضأ ولا يستطيب، فإن عاد فسرق بعد قطع يده اليمنى ورجله اليسرى حُبس.

 

فيا أيها السارق أتعرّض نفسك للإفلاس؟ وهذا ما سرق إلا خشية الإفلاس، ومن أجل الغنى، يا أيها السارق عندما تسرق وأنت تطمع بالغنى وتخشى الإفلاس، أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم ” أتدرون من المفلس؟” ولما كسفت الشمس على عهده صلى الله عليه وسلم، صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطال القيام، والركوع والسجود، وجعل يبكي في سجوده وينفخ، فلما قضى قال “عُرضت علي الجنة حتى لو مددت يدي تناولت من قطوفها” وعرضت علي النار فجعلت أنفخ خشيت أن يغشاكم حرّها، ورأيت فيها أخا بني دُعدع سارق الحجيج، كان يسرق الحاجّ بمحجنه ” وهو رجل كان يحمل عصا معقوفة يعلق به متاع الحجيج في الطواف ” فإن فطن له قال إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به” ويغلظ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سرقة الجار فعن المقداد بن الأسود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه.

 

” ما تقولون في الزنا ؟ ” قالوا حرام حرمه الله ورسوله، فهو حرام إلى يوم القيامة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ” لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره ” وقال فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” ما تقولون في السرقة ؟ ” قالوا حرمها الله ورسوله فهي حرام قال ” لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره ” رواه أحمد، ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ويخبر بأحوال آخر الزمان حيث يقول صلى الله عليه وسلم ” يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ أمن الحلال أم من الحرام ” ويقول صلى الله عليه وسلم ” لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه” وأما عن الحكمة من تحريم السرقة، فإنه قد حرمت السرقة في الإسلام لعدة أمور منها هو المحافظة على الأموال العامة والخاصة التي هي ثمرة جهود مبذولة.

 

لأن المال هو عصب لهذه الحياة، وكذلك فإن فيها تخويف وترويع للآمنين بشكل عام فإذا علم اهل المسكن بسرقته أصابهم الهلع والفزع بسبب ذلك، وأن فيه حمل للسلاح على الغير بغير حق وأذية للآخرين لقوله صلى الله عليه وسلم “من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا” وأن بعض الناس قد يصاب بالجنون وفقدان العقل بسبب ترويعه وإخافته وذلك من أشنع الأفعال وفيه إضرار عظيم، وكذلك كف الجريمة وانتشارها في المجتمع فلو لم تحرم السرقة لفشى السطو على البيوت والاعتداء على الحرمات، وتحفيز الشاذين في المجتمع على العمل والكسب وعدم تركهم لكي يعتاشون من النهب والسلب من الآخرين، وقد رفعت الشريعة الإسلامية الحرج عن المضطر في كثير من الأحكام ومنها من اضطر إلى السرقة بسبب الجوع فلا إثم عليه، ولا حد، وبها أخذ عمر بن الخطاب في عام المجاعة، حيث يقول تعالى في سورة المائدة.

 

” فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم” وقد وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط لتطبيق حد السرقة، وهي ألا يكون السارق مضطرا إلى المال المسروق كالجائع الذي لا يجد ما يأكله مثلا، وألا يكون للسارق شبهة كسرقة الإنسان من مال أبيه، ويجوز للإنسان أن يأخذ حقا له ثابتا ثبوتا ظاهرا ممن هو عليه على وجه التخفي، ولا يكون هذا سرقة لأنه أخذ حقا له، ولم يأخذ حقا لغيره، مثل أخذ المرأة نفقتها الشرعية من زوجها الشحيح، وقد قالت امرأة أبي سفيان إنه رجل شحيح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف” متفق عليه، ويظن البعض بأن الشريعة الإسلامية لا تعرف الرحمة في تطبيق الحدود، وأن هناك أمور طبقها المسلمون بوحشية، إلا أن جهل هؤلاء بأحكام التشريع الإسلامي وحكمته لم تدفعهم إلى قراءة الوجه الآخر لتلك الحدود والعقوبات التي سرعان ما تزول عن صاحبها لشبهة أو عذر مقبول،

 

ومنها ما فعله الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام المجاعة من إيجاد عذر يدفع عن البعض وقوعهم تحت طائلة حد السرقة، وقد عرفت السرقة في الشريعة الإسلامية بأنها أخذ مال الغير بدون حق وهو أمر محرم شرعا، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه لقوله صلى الله عليه وسلم ” إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام” متفق عليه، وأن السرقة نوع من أنواع الأخذ بدون حق، وقد ورد النهي عنها في أحاديث كثيرة، وأن هناك أدلة تحريم السرقة ووجوب العقوبة للسارق مع ما فيها من عموم بحيث تشمل السرقة من الأقارب ومن غيرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى