مقال

الدكروي يكتب عن الإعراض عن الباطل

جريدة الاضواء

الدكروي يكتب عن الإعراض عن الباطل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من الصفات المحمودة المرجوة هو الإعراض عن الباطل من قول أو فعل، فقال تعالى ” والذين هم عن اللغو معرضون” ومثل هذه الآية قوله تعالى فى سورة القصص ” وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين” وقوله تعالى فى سورة الفرقان ” والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما” وهكذا فإن أهل الإيمان حريصون على عدم مواقعة ما يضر آخرتهم، فهم مشغولون بالله عن غيره، مهتمون بما يعنيهم، وتاركون لما لا يعنيهم، مقبلون على شأنهم، فأكثر الناس في شؤون وهم في شأن آخر، فألسنتهم محفوظة عن السوء والفحشاء، وجوارحهم مصونة عن الشر والعدوان، فعبادة الله تعالى، والإحسان إلى الناس، وتفريج كرباتهم مما يعنيهم، ومعصية الله تعالى، والاعتداء على الناس، والانصراف إلى ما يضيع الأعمال والجهود والأوقات مما لا يعنيهم.

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه” وإن مما يعينك على ترك اللغو هو أن تعرف الغاية التي خُلقت لأجلها، والنهاية التي تنتظرك، فاعمل لها وانشغل بها ولا تنشغل عنها، وأن تعلم أن ما تعمله مسجل لك أو عليك، وأنت عليه مثاب أو معاقب، فانظر لنفسك أيّ الأمرين تختار، ومن الصفات الطيبة المحمودة أيضا هو تزكية النفس وتزكية المال، قال تعالى ” والذين هم للزكاة فاعلون” وإن الزكاة في أصل وضعها اللغوي تعني التطهير، والنفس الإنسانية مليئة بالنقائص والعيوب، وقد كلف الإنسان بإصلاحها وتقويم عوجها وضمن الفلاح لمن نجح في ذلك، فقال تعالى فى سورة الشمس ” قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها” فالمؤمن يطهر نفسه من الاعتقادات الفاسدة، والأفكار المنحرفة، والأخلاق السيئة، ويجعلها صافية خالصة من شوائب الرذائل، فإذا فعل ذلك فقد أفلح في الدنيا والآخرة.

 

وكذلك فإن من الأخلاق النفسية الرذيلة، هو خلق الشح والبخل، الذي يجعل الإنسان مقصرا في أداء الحقوق التي عليه لغيره ولذلك شرع الإسلام زكاة المال لتطهير النفس وتطهير المال، فإخراج الزكاة مطهرة وأجر، وزيادة ونقاء، فلا يظن صاحب المال أن إخراج الزكاة نقص وخسارة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما نقص مال عبد من صدقة” فإذا أردت الفلاح فزكى نفسك وزكى مالك، وإياك أن تطيع النفس في السير وراءها إلى أهوائها المحظورة، فمن أصلح نفسه صلحت دنياه وآخرته، وكذلك أيضا فإن من الصفات الحميده المرجوه هو حفظ الفروج عن الحرام، فقال تعالى ” والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” وكذلك فإن الرغبة الجنسية فطرة وطبيعة في الإنسان البالغ تطلب من صاحبها التصريف والخروج.

 

وقد جعل الله تعالى لها سبيلا صالحا نظيفا نافعا هو الزواج، الذي هو سبب العفة والسعادة، والذرية وكثرة الأمة، وتعارف الناس وتقاربهم، وصلاح هذه الحياة، فقال تعالى فى سورة الروم ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون” وهذا هو الطريق الصالح النقي لتصريف هذه الرغبة الجبلية، وهو الذي يحفظ للإنسان شرفه وسمعته الحسنة بين الناس، ويعينه على طاعة الله تعالى وعلى إصلاح عيشه، غير أن بعض الناس غلب عليهم الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وجلساء الخطيئة على تصريف الشهوة في الزنا أو اللواط أو العادة السرية، وهذه المجالات العفنة تهدم الدين، وتهد البدن، وتفسد المجتمع، وتجلب الكوارث والمصائب على الناس، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا”

 

وإن الحياة المعاصرة بوسائل اتصالها وإعلامها الحديثة، وغياب إقامة حدود الله تعالى، وكثرة الجهل هذه الأمور وغيرها دعت بعض الذكور والإناث إلى الغرق في مستنقع الرذيلة، ولم ينتبه بعضهم إلا وهو غارق في وحلها يطلب قوارب النجاة، بعد أن باع دينه ودنياه بشهوة عاجلة، ولذة عابرة، وقد يخسر بها الدنيا والآخرة، فالحذر الحذر، والنجاة النجاة قبل الفضيحة في الدنيا والآخرة، فعلى الأزواج أن يتقوا الله في إعفاف زوجاتهم، وعلى النساء أن يتقين الله في إعفاف أزواجهن، وعلى من لا يجد أن يصبر ويدعو الله حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا، فقد قال تعالى فى سورة النور ” وليستعفف الذين لا يجدون نكاخا حتى يغنيهم الله من فضله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى