مقال

الدكروري يكتب عن إياكم والحرام 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إياكم والحرام

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إن الحياة أصبحت صعبة جدا والناس فيهم من حولته الظروف إلى قاس أو منغلق أو جامح نحو الدنيا، فلنخفف وطأتها بجبر الخواطر إلى كل من جبر خاطرا وسلام على القلوب الطيبة التى أينما مرت أزهرت، وإن أفضل عمل يرضي الله تعالى هو الدعاء وإن الدعاء هو لغه تقرب من الله وكذلك جبر الخواطر فعندما يدعو العبد ربه فهو يعلم جيدا ما معنى جبر الخواطر علي الله؟ وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد والظل وقارعة الطريق” رواه ابن ماجه، وإن هناك أشياء مستقذرة، مثل إنسان يفرغ أي يتغوط في مكان ظل يجلس الناس فيه، أو على قارعة الطريق، أو في موارد الماء، ولا يعلم أن البول مجمع الأمراض، ومجمع الجراثيم، فإذا طرح في ماء، أو فى طريق، أو فى مكان يجلس الناس عليه، يسبب انتشار الأوبئة والعدوى.

 

والنقطة التى نريد أن نوضحها أيضا فى الحلال والحرام هو ما أدى إلى الحرام فهو حرام، لذلك الذى يعد سببا فى الحرام محرم لا لذاته ولكن سدا لذريعة الحرام، حتى إن زراعة العنب في بلاد تكثر فيها صناعة الخمور، تعد في الفقه حراما، لأن هذا العنب مصيره إلى معامل الخمور، وهو ما أدى إلى حرام فهو حرام، فإن الله حرم الزنا فإذن كل مقدماته حرام، من التبرج، والخلوة، والاختلاط، والصور، والأدب المكشوف، والغناء الفاحش، فهذا كله يؤدى إلى الحرام، إذن فهو حرام، والنظر حرام يؤدى إلى ما هو أكبر منه، نظرة فابتسامة فموعد فلقاء، وأيضا فإن الخمر محرمة أن يعصرها الإنسان، وأن يحملها، وأن يأكل ثمنها، وأن يبيعها، وأن يعلن عنها، وكله محرم، وكذلك الربا لعن الله آكله، وموكله، إذن ما أدى إلى حرام فهو حرام سدا للذريعة، كل ما أعان على الحرام فهو حرام، وإذا روج الإنسان أو أعلن عن بضاعة محرمة فهو روج لها.

 

وقال تعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” ما كان سببا كافيا، أو ما كان سببا غير كاف، أو ما كان معينا، أو ما كان مروجا، أو ما كان موضحا، فكل ما أعان على الحرام فهو حرام، وهى قاعدة أساسية، وأيضا فإن النية الحسنة لا تبرر الحرام، فإن هناك أشخاص كثيرون يقولون، النية الطيبة، لا تكفى، والنية الطيبة شيء عظيم في الإسلام، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إِنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى” رواه البخارى، ولا تنسوا أن المباحات والعادات بالنوايا الطيبة تغدو عبادات، فإذا الإنسان أكل الطعام وهل فى الأرض كلها إنسان لا يأكل؟ فالمؤمن إذا أكل الطعام بنية التقوى على طاعة الله فهو عبادة، وإذا ارتدى ثيابا بنية أن يظهر كمسلم بمظهر لائق فهو عبادة، فالمسلم له معاملة خاصة، نواياه الطيبة، ومعرفته بالله عز وجل.

 

تجعل كل أعماله المباحة والمألوفة عبادات، هذه هي ناحية قيمة النية في العمل، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث الذى رواه مسلم، عن أبى ذر الغفارى رضى الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم” وفى بضع أحدكم صدقة, قالوا يأتى أحدنا شهوته ويكون فيها له أجر؟ قال أفرأيتم لو وضعه في حرام, هل عليه وزر؟ قالوا نعم، قال فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر” وفي حديث آخر عن أبى هريرة رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم “من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة وسعيا على أهله وتعطفا على جاره لقى الله ووجهه كالقمر ليلة البدر” إذن النوايا الطيبة تجعل العادات، والمباحات، والأعمال المألوفة التى يفعلها كل الناس في العالم عبادات، أرأيتم إلى أثر النية الطيبة في العمل؟ وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هى لك صدقة، ولو تصابيت لأولادك هذا العمل لك صدقة.

 

فعن أبى معاوية قال صلى الله عليه وسلم “من كان له صبي فليتصاب له” أى إذا أخذت ابنك بالعيد وركبته ببعض الألعاب، وأنت إنسان عظيم، ولك مكانة كبيرة، فهذا لا يطعن في مكانتك، هذا يعلى قدرك عند الله، حفظته من الزيغ، وكذلك فإن العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا، فإن عملك الذى ترتزق منه لمجرد أن يكون مشروعا فى الأصل، وسلكت فيه الطرق المشروعة، ونويت منه كفاية نفسك، وكفاية أهلك، ولم يشغلك عن طاعة، ولا عن طلب علم، ولاعن أداء واجب دينى، انقلب هذا العمل إلى عبادة، أما العكس غير صحيح، فالنوايا الطيبة مهما سمت لا يمكن أن تجعل الحرام حلالا، فالنوايا الطيبة تجعل المباح عبادة، أما الحرام فحرام مهما كانت وراءه نية عالية، لذلك يقول الفضيل “العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا” فيكون خالص ما ابتغى فيه وجه الله، وصواب ما وافق السنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى