مقال

الدكروري يكتب عن الضرورة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الضرورة
بقلم / محمــــد الدكـــروري

إن موضوع الضرورة يتلحص في قول الحق سبحانه وتعالى ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد” فما معنى باغ؟ وهو أى ابتغى أو أراد أن يأكل من لحم الخنزير ليذوق هذا اللحم، طعمه طيب مثلا؟ فإن هذا باغ أى بغى أن يأكل، ولا عاد أى على وشك، أن يموت جوعا يكفيه أربع لقمات فينبغى ألا يزيد عليهن أية لقمة، أى لا يتجاوز الحد الذي يبقيه حيا، وإن العلماء فصلوا فقالوا أن الإنسان الذي لا يجد طعاما ليوم وليلة على التمام عند ذلك يجوز له أن يأكل، أى اليوم بكامله والليل بكامله لثانى يوم لاشيء يضعه في فمه ممكن، هذه الضرورة، يوشك أن يهلك جوعا له أن يأكل ما حرم الله عليه غير باغ ولا عاد، وأن هناك نقطة مهمة أخيرة وهى أن الإنسان لا يملك ثمن طعام لكن يعيش ضمن مجتمع، وله أقارب، وله أهل، والفرد إذا كان لا يملك ثمن طعام لا يعد مضطرا، فإنه يجب أن يطلب الطعام من أقربائه، ويقول أنا جائع أريد أن آكل.

أى لا يكفى ألا تجد طعاما وتأكل لحم الخنزير، ولكن هذه حالة فى الصحراء، أو فى مكان منقطع لا يوجد إنسان يطعمك لقمة، ولكن عندما تكون ضمن مجتمع مسلم فأنت هنا لست مضطرا، ويقول أحدهم أنا مضطر إلى قرض ربوى، فنقول له ألا يوجد أحد يقرضك؟ فيقول لا يوجد أحد، ويقال له سألت؟ يقول لم أسأل، أنا إنسان مقطوع من شجرة، وهذا ليس معقولا؟ فيجب أن تبحث عن قرض حسن، وإنه لا يسأل أحدا ويقول أنا مضطر، ولكن نقول له ما دمت أنت فى مجتمع مسلم فأنت لست مضطرا، فالإنسان عندما يتقي أن يعصي الله عز وجل الله يلقى في قلوب الآخرين الاندفاع نحو خدمته، والإنسان إذا نوى وصمم ألا يعصى الله الله عز وجل يهيئ له سبل الحلال، والنقطة الدقيقة الأخيرة وهى أن الإنسان لا يعد مضطرا إذا كان فى مجتمع مسلم، وهذا الكلام إذا كان فى سفر، أو فى بادية، أو فى صحراء، أو على وشك الموت جوعا.

وهناك خنزير برى ممكن، أما ضمن مدينة لك أهل وأقرباء، لا تملك ثمن طعام دعيت إلى مطعم فيه لحم خنزير فعليك ألا تأكل إلا ما أحل الله لك، ولا تقول لا يوجد معى، فعليك أن تسأل، أو أقترض، أو أطلب الطعام، ولا تأكل ما حرم الله، وهكذا دائما نقول بأن أخطر موضوع على الإطلاق بعد الإيمان بالله أن تعرف منهجه، وأن تحمل نفسك على سلوك ذلك المنهج، بل إن الإنسان إذا عرف الله عز وجل لا يشغله شيء إلا أن يبحث عن أمره ونهيه، والله سبحانه وتعالى يبين أن المرجح الوحيد بين الخلق هي الطاعة والتقوى، حين قال سبحانه وتعالى فى سورة الحجرات ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم” فإنه ليس الولى الذى يطير فى الهواء، وليس الولى الذى يمشى على وجه الماء، ولكن الولى كل الولى الذى تجده عند الحلال والحرام، وإن الولي كل الولي أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.

وإنه يوجد سلوك يقال عنه بأنه سلوك استعراضى وهو أن تضع المصحف في جيبك، أو أن تعلقه في مركبتك، أو أن تضعه في بيتك، فإن هذا سلوك استعراضى، إذا لم يكن هناك طاعة حقيقية لله عز وجل فهذا السلوك الاستعراضي لا يقدم ولا يؤخر، فكن عميقا، تعلق بجوهر الدين، اقتدى بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رضى الله عنهم، لأنهم كانوا عند الأمر والنهى، ومن صفات الفاروق عمر رضى الله عنه عملاق الإسلام أنه كان وقافا عند كتاب الله، فلذلك موضوع الحلال والحرام هذا قد لا يلفت نظر الذين قصروا في معرفة الله، لأن شرف الأمر من شرف الآمر، فكلما عَظم الله عندك عظم أمره، وكلما جلَّ ربك في عينك جلَّ أمره أيضا، فسبيل تعظيم الله تعظيم أمره، ودليل محبتك له طاعته، بل إن الله تعالى جعل طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مقياسا لمحبته، فقال تعالى فى سورة آل عمران.

” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ” وأما عن الحلال والحرام فى الملبس والزينة في حياة المسلم فإن الإسلام أباحها للمسلم، بأن يكون ذا هيئة حسنة، ولا أدري لماذا استقر في عقول الناس في العصور الوسطى أو عصور الانحطاط إن من علامات المسلم الولى أن تكون هيئته مزرية، فمن قال لك ذلك؟ فالنبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول ” أصلحوا رحالكم، وحسنوا لباسكم، حتى تكونوا شامة بين الناس ” فإصلاح حال ثيابك، وإصلاح شأنك، وإصلاح ثيابك، والتجمل من الدين، فلذلك أباح الإسلام للمسلم أن يكون ذا هيئة حسنة، وأن يكون كريم المظهر، فأنت سفير ولكن سفير أي دولة، فإنك سفير الإسلام، فأنت عند الناس مسلم، والمسلم يجب أن يكون حسن المظهر، جميل الهندام، متمتعا بما خلق الله له من زينة، وثياب، وريش، من دون إسراف، ولا مخيلة، ولا علو على الناس، إلا أن المظهر جزء من شخصيتك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى