مقال

الدكروري يكتب عن يقدر ويلطف ويبتلي ويخفف

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن يقدر ويلطف ويبتلي ويخفف
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لا إله إلا الله دائما وأبدا، فيقول نبي الله موسى عليه السلام يا رب علمني كلمة أدعوك بها وأناديك قال يا موسى قل لا إله إلا الله قال موسى يا رب كل الناس يقولون لا إله إلا الله قال يا موسى لو أن السماوات السبع و الأراضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله ” كفة أي كفة الميزان ” فلا تبحث عن الحياة الطيبة في صيدلية غير صيدلية الإيمان لا تظن أنك سوف تحصل عليها بمال أو بمنصب أو بشهرة أو في مزرعة أو قصر أسمع إلى بطاقة الإيمان حيث قال الله تعالى ” من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” فلا تبحث عن السعادة في أي مكان والله إن لم تجدها إلا في الإيمان بالله ولن تجدها في مكان آخر، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى ” ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشرة يوم القيامة أعمي”

ويعرف أن من صفته تعالى أن يقدر ويلطف، ويبتلي ويخفف، ومن ظن انفكاك لطفه عن قدره، فذلك لقصور نظره، وعن الوليد بن عبادة قال دخلت على أبي وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت يا أبتاه أوصني واجتهد لي؟ فقال اجلسوني فلما أجلسوه، قال يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان، ولن تبلغ حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قلت يا أبتاه وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره؟ قال تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول”أول ما خلق الله القلم، قال اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة، يا بني إن متّ ولست على ذلك دخلت النار” رواه أحمد، ومن ذلك أن ينظر المسلم إلى الجزاء والثواب، والأجر الذي يناله من هذا الابتلاء جراء صبره وثقته بما عند الله.

فقال النبي عليه الصلاة والسلام ” ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها” رواه مسلم، وعنه صلى الله عليه وسلم قال “إن الله قال إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة” رواه البخاري، ويريد بحبيبتيه أى عينيه، وعن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال”إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم، فيقول قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون نعم، فيقول فماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد” فيا له من أجر عظيم، وثواب جزيل لا يناله إلا الصابرون، وإن مما يخفى على كثير من الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريما من الله لهم، لا اختبارا لشكرهم، فيسيئون استخدامها.

ويغترون بها، ولا يبالون إن كان ذلك يسخط الرب أم لا، فيفسدون ولا يصلحون، وعلى الله يستعلون، وبالله ونعمه يجحدون، وبآلائه يكذبون، ومن هنا يستثمر العبد هذا الابتلاء بالتوبة والرجوع إلى الله، وترك الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات والعبادات، وعلى المسلم أن يبذل الأسباب الشرعية والمادية ليدفع عنه البلاء، فإذا ابتلي في جسده بحث عن العلاج، وإذا ابتلي في رزقه مشى في مناكب الأرض يبحث عن العمل، وإذا ابتلي بتسلط ظالم دفعه بكل الوسائل الممكنة، ولا يستسلم لذلك بحجة أنه ابتلاء، فقال تعالى فى سورة الشورى ” ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل” وإذا كان الابتلاء للمجتمع والأمة بشكل عام، سواء كان بالاختلاف والتفرق، أو الأزمات الاقتصادية، أو بتسلط العدو، أو بالأمراض والأوبئة، أو بالكوارث، وغيرها.

سارع الجميع إلى التعاون والتراحم والتآلف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقديم النفع، وسعى الجميع إلى رأب الصدع، وإصلاح الوضع، وقول كلمة الحق، وبذل كل واحد من الأسباب ما يستطيع، ونأى كل واحد بنفسه عن أن يكون سببا في إثارة النعرات، وإزهاق الأرواح، وسفك الدماء، وترويع الآمين، فيلقى الله وهو عليه غضبان، وأيضا فعلى الجميع التضرع إلى الله والدعاء بأن يرفع البلاء، ويلطف فيه، ويكتب الأجر والثواب، وإن من أسماء الله الحسنى العليم الحكيم، ومن مقتضى ذلك أن تكون أفعاله سبحانه وتعالى وما يجري به قضاؤه وقدره،لا يخلو من العلم والحكمة، ومن سنن الله في كونه وقوع الابتلاء بالمخلوقين ، وذلك اختبارا لهم, وتمحيصا لذنوبهم وتمييزا بين الصادق والكاذب منهم وأكمل الناس إيمانا أشدهم ابتلاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى