مقال

الدكروري يكتب عن عاشوراء والوفاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عاشوراء والوفاء

بقلم / محمـــد الدكـــــروري

 

هذا هو الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي علم الأمة كيف يكون الانقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم واسمعوا إلى موقفه الذي ترجم فيه خُلق الوفاء بالعهد، فيرسل إليه أبو عبيدة بن الجرّاح يستفتيه في فتوى غريبة جدا، ويقول له إن أحد الجنود قد أمّن قرية من بلاد العراق على دمائهم وأموالهم وهي في طريقنا، فماذا نصنع؟ وتأمل معي في هذا الموقف الغريب جندي لا يُعرف اسمه من جيش المسلمين يعطي الأمان لقرية بأكملها، وربما هذه القرية إن لم تفتح فقد تكون ثغرة عظيمة يتضرر بها المسلمون كثيرا إذا انقلبت عليهم، فبماذا أجابه الفاروق عمر رضي الله عنه؟ قال بعد حمد الله والثناء عليه.

 

“إن الله تعالى قد عظم الوفاء، ولا تكونون أوفياء حتى تفوا، فأوفوا لهم بعهدهم واستعينوا الله عليهم” ما أبدع هذه العبارة وما أروعها لمن فَهِم معناها فالوفاء كباقي الأخلاق ليس شعارا يرفع في السماء ولا كلمة تطير في الهواء، ولكن الوفاء خُلق لن يتحقق إلا إذا أتيت به وتحملت في سبيل إتيانه كل شيء، بهذه الأخلاق فتح المسلمين بلاد الفرس وبلاد الروم، وإسبانيا وفرنسا وغيرها، وها أنتم في يوم عاشوراء، فعليكم أن تصوموا هذا اليوم العظيم شكرا لله تعالى على نعمة إنجاء موسى ومن معه من بأس فرعون وجنوده، وأن تذكروا لله سبحانه وتعالى هذا الفضل العظيم، وأن تكثروا الصيام في هذا الشهر الكريم، وأن تكثروا كذلك الذكر والطاعة فيه.

 

وأن تعلموا أن بعض الناس يبتدع في يوم عاشوراء وفي هذا الشهر بدعا ما أنزل الله بها من سلطان ولم يأت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، فعليكم أن تنزجروا عن تلك البدع وأن لا تشتغلوا بها، وأن تقتصروا على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يفعله فهو الخير لكم في هذه الحياة وبعد الممات، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمر الأنصار بإمساك الطعام والشراب عن أطفالهم الصغار في هذا اليوم، وأن يشغلوهم باللعب، وذلك حض لهم على الصوم، فإذا كان الأطفال الصغار يشغلون عن الأكل والشرب في هذا اليوم باللعب فكيف بالكبار؟ فعلى الأصحاء والمرضى وغيرهم أن يلتمسوا الشفاء والعافية.

 

بصيام هذا اليوم احتسابا للفضل فيه عند الله سبحانه وتعالى، فإن من نعم الله على عباده أن اختص بعض الأزمنة والأمكنة بمزيد عناية وفضل، ليزداد من اغتنمها ورعى حرمتها إحسانا، ويبوء من غفل عنها وأهملها خيبة ونقصانا، ألا وإن من تلك الأزمنة الفاضلة التي أنعم الله بها على أمة محمد صلى الله صلى الله عليه وسلم شهر الله الحرام، هو شهر الله المحرم، وهو شهر عظيم من أشهر العام، وهو أحد الأشهر الحرم التي نهانا فيها مولانا أن نظلم فيهن أنفسنا، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، وإن يوم العاشر من محرم يذكرنا بهجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة، وبدء ظهور الدعوة الإسلامية.

 

وانتصار الإسلام وانتشاره، وعلينا كمسلمين أن نشكر الله على ما يسره لنا من هذا الحساب البسيط الميسر في معرفة التاريخ اليومي الذي يبدأ من الهجرة وهى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وأن علينا جميعا أن نكون أمة متميزة بتاريخها وأخلاقها ورأيها ومعاملاتها عن سائر الأمم الكافرة، وأما عن التعريق بيوم عاشوراء ويوم تاسوعاء، فغن عاشوراء هو العاشر من شهر الله المحرم، وتاسوعاء هو اليوم التاسع منه، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما”عاشوراء العاشر من المحرم” رواه الترمذي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى