مقال

الدكروري يكتب عن تطبيق أحكام الشريعة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تطبيق أحكام الشريعة

بقلم / محمـــد الدكــــروري

 

إن من عالمية هذا الدين الإسلامي وانتشاره حتى يعم الأرض كلها بشارته صلى الله عليه وسلم وتبشيره بانتشار الإسلام وفتحه للبلاد والعباد, وحينما ينتشر الإسلام ويعم أرجاء الكون يصبح الناس جميعا أخوة لا تفاضل بينهم ولا تمايز إلا بالتقوى والعمل الصالح إذن فعالمية الإسلام ضرورة من ضرورات هذا الدين ودليل آكد على تشريعه القويم الصالح لكل زمان ومكان, وما على المسلمين الآن إلا أن يفهموا معنى عالمية الإسلام وأن يسعوا لتبصير الناس بها, حتى تتغير تلك الصورة المشوهة التي أخذها الآخرون عن الإسلام حتى ظنوا أنه دين لا يصلح إلا لأهل البادية فقط، وأنه دين يعادي الحضارة والتقدم ويجافي الرقي والازدهار، إن نهج التابعون وأتباعهم، والمسلمون من بعدهم سبيل الصحابة.

 

في المحافظة على السنة والعمل بها وإجلالها، فقال رجل للتابعي الجليل مطرف بن عبدالله بن الشخير، لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال مطرف “والله ما نريد بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا” وهذا من أخبار اقتداء السلف الصالح، من الصحابة والتابعين بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على سنته تفوق الحصر، منها، أنه أتت السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر الصديق، تطلب سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول “إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا طعمة، ثم قبضه جعله للذي يقوم بعده ” فرأيت أن أرده على المسلمين، فقالت فأنت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلم.

 

وفي وقعة اليرموك كتب القادة إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، إنه جاش إلينا الموت، يستمدونه، فكان أن أجابهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه “إني أدلكم على من هو أعز نصرا، وأحضر جندا، الله عز وجل، فاستنصروه، فإن محمدا قد نصر يوم بدر في أقل من عُدتكم، فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني” وقيل لعبدالله بن عمر رضى الله عنهما، لا تجد صلاة السفر في القرآن؟ فقال ابن عمر رضى الله عنهما “إن الله عز وجل بعث إلينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم شيئا، فإنما نفعل كما رأَينا محمد صلى الله عليه وسلم، يفعل” وفي رواية أخرى “وكنا ضُلالا فهدانا الله به، فبِه نقتدي” أولئك بعض صحابته لم يرضوا ترك سنة كان عليها نبي الرحمة، صلى الله عليه وسلم.

 

ولم يقبلوا أن يُشككهم مشكك، أو يضللهم مضلل، ولم يقبلوا مع السنة رأي أحد مهما كان شأنه، ومهما علت مكانته، وهم بذلك حفظوا الحديث النبوي الشريف، ووجهوا الأمةَ الإسلامية إلى السبيل القويم، وحملوا الحكام على تطبيق أحكام الشريعة، وأبوا أن يماروا في دين الله، لا يخافون في الحق لومةَ لائم، وكان لهم الفضل الكبير، والشرف العظيم في حمل أحكام الشريعة، وهكذا كان للسنة قيمتها ومكانتها في القرآن الكريم، وفي قلوب الصحابة والتابعين، والعاملين بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، أجمعين، فإذا تقوّل اليوم متقوّل، وحاول أن ينتقص منها، أو يبتدع رأيا، أو يهاجم راويا، فإننا نشجب كل ذلك، ونسمه بالجحود والنكران، وإنه عندما اكتمل علم الحديث في القرن الثاني الهجري وأصبحت له قواعده وأصوله.

 

ومناهجه وأساليبه وأعلامه المشهورين، فقد نشأت علوم فرعية عديدة كعلم لغة الحديث، وعلم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم التأريخ للسيرة النبوية الشريفة، ثم أخذ العلماء في توسيع نطاق هذا العلم الجليل ليُستفاد منه في التأريخ لأعلام المسلمين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم من العلماء في مختلف العلوم، ممن برزوا واشتهروا في مختلف العصور، وهكذا أصبح ما يُعرف بكتب الطبقات، جزءا مهما من أدبيات كل عصر، بل أصبح لكل قرن من قرون التاريخ الإسلامي، من يؤرخ لأعلامه، وبقي هذا التقليد قائماً حتى عصر المحبي والمرادي، وعندما بدأت أساليب البحث العلمي تتأثر بالتقاليد الغربية وظهرت الموسوعات التي أحصت آلاف الأعلام، بادرت المؤسسات العلمية في البلاد الإسلامية إلى السير على هذا النهج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى