مقال

الدكروري يكتب عن أولى الجيران بالرعاية والإحسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أولى الجيران بالرعاية والإحسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من الواجبات الإسلامية هو التكافل فيما بين الجيران، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام “ما آمن من بات شبعان، وجاره جائع إلى جنبه، وهو يعلم به” ولقد روي أن الرجل من الصحابة رضوان الله عليهم كانت تأتيه الهدية فيرسلها إلى جاره، وجاره يعطيها لجاره، وتنتقل إلى أكثر من عشرة بيوت، حتى ترجع إلى الأول، وكما أن من الواجبات الإسلامية أيضا هو عيادته إذا كان مريضا، وتعزيته عند وفاة قريب له، والمشاركة في تشيِيع جنازته، وإقراضه إن احتاج إلى مال، وتوجيهه وإسداء النصح له ولأفراد أسرته، وإن أولى الجيران بالرعاية والإحسان أقربهم بابا إلينا، فقد جاء في البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أُهدي؟ قال “إلى أقربهما منك بابا” رواه البخاري، والحكمة من ذلك كما يقول ابن حجر، رحمه الله أن الجار الأقرب يرى ما يدخل بيتَ جاره من هدية ونحوها.

 

فيتشوف لها، بخلاف الأبعد ولأن الأقرب أسرع إجابة لما قد يقع لجاره من المهمات، ولا سيما في أوقات الغفلة، وإن الله تعالى حرّم إيذاء الجار في ماله أو عِرضه أو دمه، ولقد أقسم نبينا ثلاثًا مبينا عظم ذنب أذية الجار، فقال “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن” قيل من يا رسول الله؟ قال “الذي لا يأمن جاره بوائقه” وفي رواية للإمام مسلم ” لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه” وفي الحديث الآخر ضاعف المصطفى صلى الله عليه وسلم جريمة الزنا والسرقة في حق الجار إلى عشرة أضعاف لأن الجار قد أمنه جاره، فخان الأمانة وانتهك حرمته، وكان حقا عليه أن يحفظ جاره في ماله وعِرضه، فعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه “ما تقولون في الزنا؟” قالوا حرّمه الله ورسوله، فهو حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه.

 

“لأن يزني الرجل بعشرة نسوة، أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره” ثم قال “ما تقولون في السرقة؟” قالوا حرّمها الله ورسوله، فهي حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات، أيسر عليه من أن يسرق من جاره” رواه أحمد، فإن حسن الجوار باب من أبواب الجنة، وسوءه باب من أبواب النار ولذا نبه المصطفى صلى الله عليه وسلم على عِظم خطر إيذاء الجار، وأثره في إذهاب ثواب الأعمال الصالحة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رجل يا رسول الله، إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها باللسان قال “هي في النار” قال يا رسول الله، فإن فلانة يُذكر من قلة صيامها وصلاتها، وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط الأقط هو اللبن المجفف، وهو من الشيء الزهيد ولا تؤذي جيرانها، قال “هي في الجنة” رواه أحمد.

 

فما نفع تلك المرأةَ كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها لأنها تؤذي جيرانها، وهذه نفعها الإحسان وعدم إيذاء الجار، ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه عند البخاري أنه ضرب لنا أروع الأمثلة في كف الأذى عن الجار، وحسن الجوار، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها ذات ليلة صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرصا من شعير، وتقول السيدة عائشة فأقبلت شاة لجارنا داجنة يعني لا تجد حرجا من الدخول في البيوت فدخلت، ثم عمدت إلى القرص فأخذته، ثم أدبرت به، فبادرتها الباب، فقال صلى الله عليه وسلم “خذي ما أدركت من قرصك، ولا تؤذي جارك في شاته” فانظروا إلى تربيته صلى الله عليه وسلم لأهل بيته، وحثه لهم على حسن التعامل مع الجار، وكف الأذى عنه، حتى في شاته التي تتعدى على طعام الآخرين، وإنه ليس من حسن الجوار بين الجيران أن يرد الجار على جاره الأذى بمثله.

 

والإساءةَ بأختها فقد جاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له إن لي جارا يؤذيني ويشتمني ويضيق عليّ، فقال له ابن مسعود رضي الله عنه إن هو عصى الله فيك، فأطع الله فيه، وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول ليس حسن الجوار كف الأذى ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى، فإذا ابتليت بجار سوء يؤذيك، فعليك بالصبر فإنه مفتاح الفرج، وعلى الأخيار السعي في الإصلاح بين المتنازعين لأن الجار أولى بالعفو عن خطئه، والتغاضي عن زلته، خصوصا إذا كان ذا فضل وإحسان، وتذكر أيها الجار أن صبرك على جارك الذي يؤذيك، مما يحبه الله سبحانه وتعالى فعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال صلى الله عليه وسلم إن الله يحب ثلاثة، ويبغض ثلاثة، وذكر من الثلاثة الذين يحبهم “والرجل يكون له الجار يؤذيه جواره، فيصبر على أذاه، حتى يفرّق بينهما موت أو ظعن” رواه أحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى