مقال

الدكروري يكتب عن البيوع والمعاملات المحرمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن البيوع والمعاملات المحرمة
بقلم / محمــــد الدكـــروري

إن البائع الأمين صادق مع المشترين، فلا يكذب في وصف السلعة، ولا في سعر شرائها، وهذا يبارك له في بيعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما” والبائع الأمين لا يحلف اليمين الكاذبة، ولا يكثر من اليمين الصادقة من أجل ترويج بضاعته، وإقناع المشتري بها، حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة” وفي رواية مسلم “ممحقة للربح” وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم” قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار.

قال أبو ذر خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال “المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب” والبائع الأمين لا يبيع المواد المحرمة لضررها، أو لفسادها بانتهاء زمنها المحدد لها من قبل مصانعها لأنه لا يحرص على ربح فيه تلف لنفوس الناس، وضرر عليهم، مهما كثر ذلك الربح، فرضى الله هو غايته، وعدم غش الناس هو سبيله في كسبه، فهو يجلب البضاعة المباحة وينقيها من الحرام إن كان فيها، ويبيعها للمشتري بيعا يرضي الله تعالى، وقد سألت امرأة السيدة عائشة رضي الله عنها، فقالت “يا أم المؤمنين كانت لي جارية، فبعتها من زيد بن أرقم، أى بعتها له بثمانى مائة إلى أجل، ثم اشتريتها منه بستمائة، فنقدته الستمائة، وكتبت عليه ثمانمائة” فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها.

“بئس والله ما اشتريت، وبئس والله ما اشترى، أخبرى زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب” فقالت المرأة للسيدة عائشة رضى الله عنها “أرأيت إن أخذت رأس مالي، ورددت عليه الفضل؟ فقالت لها ” إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم” فهكذا البيوع التي يتعاطاها الناس في حياتهم، من البيوع والمعاملات المحرمة، التي رأينا بعض الناس يتساهلون فيها، دون أن يفطنوا إلى موقف الشرع منها، مع أن التجار مطالبون بالحيطة الشديدة في كسبهم، وكثرة التصدق، حتى تسلم أرزاقهم مما قد يشوبها من الحرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا معشر التجار، إن البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة” رواه ابن ماجة، ولا يخفى عليكم أن أخطر موضوع فى الدين.

بعد الإيمان بالله عز وجل هو الحلال والحرام، لأنك بالكون تعرفه، وبالشرع تعبده، بعد أن تستقر حقائق الإيمان في نفس المؤمن، وهو إيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى، وبعد أن سعى الإنسان إلى أداء العبادات من صلاة، وصيام، وحج، وزكاة، ليس هناك موضوع على الإطلاق أخطر، ولا أهم إلى نفس المؤمن من موضوع الحلال والحرام، لأن الإنسان إذا اقترف الحرام كان الحرام حجابا بينه وبين الله، فإن العلوم الدينية علوم كثيرة جدا، فهى علوم أدوات، وعلوم فرعية، وعلوم فقهية، فما من موضوع على الإطلاق أخطر في حياة المؤمن بعد إيمانه بالله من موضوع الحلال و الحرام.

وإن من الواجبات على البائعين هو ترك بيعهم في وقت الصلاة لأن من المشاهد المؤلمة ازدحام بعض الأسواق، وفتح محلات البيع في أوقات الصلوات، بل حتى في صلاة الجمعة، والله تعالى يقول ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون” فكيف يطلب هؤلاء اللاهون عن الصلاة رزق الله تعالى وهم مقيمون على معصيته في ذلك الوقت؟ ومن الواجبات على البائعين أيضا هو أداء حق الله تعالى من الزكاة إذا بلغت بضاعتهم النصاب، وحال عليها الحول، ومن الواجبات كذلك أن يحفظ البائع عورات الناس، فيغض بصره عن تتبع محاسن النساء، ويحذر إمالتهن عن الستر والعفة بقول أو بفعل فإن الله تعالى يراقبه، وإن له عورات، وللناس عيون، وأقوال وأفعال أيضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى