مقال

الدكروري يكتب عن الآيات الكونية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الآيات الكونية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الناظر في الكون وآفاقه يشعر بجلال الله عز وجل وعظمته، فالكون كله عاليه ودانيه، صامتة وناطقه، أحياؤه وجماداته، كله خاضع لأمر الله، منقاد لتدبيره، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده، وإن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها ولا تؤدي مفعولها إلا للقلوب الذاكرة الحية المؤمنة، تلك التي تنظر في الكون بعين التأمل والتدبر، تلك التي تعمل بصائرها وأبصارها وأسماعها وعقولها، ولا تقف عند حدود النظر المشهود، لتنتفع بآيات الله في الكون، أما الكفرة والملحدون، فهم عُمي البصائر غلف القلوب، إنهم لا يتبصّرون الآيات وهم يبصرونها، ولا يفقهون حكمتها وهم يتقلبون فيها، فأنى لهم أن ينتفعوا بها؟ فيقول الله عز وجل في سورة آل عمران.

 

” إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب” حقا فإنها دعوة إلى التدبر في الكون وتأمل مدى دقته وتناسق نواصيه وأجزائه، فإن الخالق عز وجل بمنه وكرمه وفضله قد أظهر لنا آياته في كتاب منظور نراه ونحسّ به، وكتاب نقرؤه ونرتله ألا وهو القرآن الكريم بآياته وعظاتة، الذي يعمد إلى تنبيه الحواس والمشاعر وفتح العيون والقلوب إلى ما في هذا الكون العظيم من مشاهد وآيات، تلك التي أفقدتها الألفة غرابتها، وأزالت من النفوس عِبرتها، فقال الله عز وجل في سورة ص” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته” وها هو القرآن الكريم يعرض هذه الآيات بأسلوب أخاذ ليعيد طراوتها في الأذهان، فكأنها ترى لأول مرة، يلفت النظر على هذه الأرض الفسيحة.

 

وقد سُقيت ورويت بماء الحياة، فاكتظت أعاليها بالنعم الوافرة، من أنهار جارية، وأشجار مثمرة، وزروع نضرة، وجبال شامخة راسية، وبحار واسعة مترامية، فماذا لو اختل نظام هذا الكون قيد شعرة؟ فإنه سينهار بكل ما فيه ومن فيه وماذا لو تصادمت أفلاكه؟ وماذا لو تناثر ما في الفضاء من أجرامه؟ وماذا لو حُجبت عنه عناية الله طرفة عين أو أقل من ذلك أو أكثر؟ فإننا سنهلك ويهلك كل من معنا، وإن هذا باب عظيم من النظر، حث عليه الرب الكريم في قوله سبحانه وتعالي في سورة يونس ” قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون” أو كما قال تعالي في سورة الأعراف ” أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء”

 

وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال ” تفكروا في آلاء الله، ولا تفَكروا في الله” وإن مما يلفت النظر في هذه الآونة المتأخرة كثرة الحوادث الكونية وتكاثر الآيات والنذر وازدياد المتغيرات التي تحدث في هذا الكون الفسيح، فتظهر أحداث عظام وتتجلى آيات كبار ويتحدث علماء الفلك عن تتابع الحوادث والكوارث التي تحدث في هذا الزمان المعاصر هنا وهناك، من زلازل مدمرة وأوبئة وأمراض مهلكة وأعاصير عاتية وأمواج وفيضانات طاغية وحرائق مخيفة ورياح تسير بسرعات مذهلة وجنود غير متناهية ونذر وآيات وعقوبات وتخويفات لا يستطيع البشر ردها ولا يملكون السيطرة عليها ولا يستطيعون أن يوقفوا انتشارها ولا يقدرون على دفعها أوردها.

 

وآيات مسخرات لا تطيقها الطاقات ولا تقدر عليها القدرات ولا تنفع معها التنبؤات والترصدات ولا تصل إليها المضادات ولا تتمكن منها الامكانات، فسبحانك ربنا ما أعظمك فلا قدرة فوق قدرتك ولا قوة فوق قوتك تخلق ما تشاء وتأمر بما تشاء وتمسك ما تشاء عمن تشاء وترسل ما تشاء إلى من تشاء، فهواء وماء وأرض وسماء وبر وبحر ونجوم وكواكب وإنس وجن ومخلوقات كثيرة ما لا نعلمه منها أكثر مما نعلمه ومالا نراه منها أكثر من الذي نراه وكلهم جنود لله خاضعون لعظمة الله جل جلاله وعز كماله وتعالت عظمته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى