مقال

الدكروري يكتب عن مساوئ الحضارة والمدنية الزائفة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مساوئ الحضارة والمدنية الزائفة

بقلم / محمــــد الدكــــروري

 

لقد مزجت الدولة الإسلامية مختلف الأجناس والأعراق في مواطنيها، فقد مزجت أيضا في أمرائها وملوكها وحكامها بين مختلف الأجناس والأعراق، فكان منهم العرب وهم الأمويون والعباسيون، والمماليك الذين هم أجناس مختلفة، والسلاجقة وهم أتراك، والأيوبيون الذين هم أكراد، والطولونيون والإخشيديون وهم أتراك، والمرابطون وهم من البربر، والعثمانيون وهم أيضا أتراك، وإذ لا بد أن نضع أيدينا على الداء خاصة إن كان عضالا، حتى نبذل قصارى جهدنا لاستئصاله والقضاء عليه أو على الأقل الحد من انتشاره لأن بقاء الأمم من زوالها رهين أخلاقها والقرآن الكريم شاهد على الأمم التي أبادها الله تعالي بسبب فسقها وانهيار أخلاقها، ولكن أتدرون لماذا بعث النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم ؟

 

وإنه القائل” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” فبعثته تهدف إلى إتمام مكارم الأخلاق قبل كل شيء، وفي الاتمام دليل على أن القيم الأخلاقية متأصلة في الإنسان وفطرية وضاربة في التاريخ ،كما أنها ضرورية ضرورة الماء والهواء ولكن الطامة الكبرى لو أنها تندثر مع الحضارة والمدنية الزائفة والطامة الأكبر لو يخون الأمين، ويؤمّن الخائن ويسند الأمر إلى غير أهله، المصيبة الكبرى لو يرفع الفساق إلى مراتب النجومية الكاذبة ويصبحون أصحاب المليارات، في حين أن العلماء الأجلاء والصادقين المخلصين لا يؤبه لهم، لعله الزمن الذي تنبأ به سيد الخلق صلي الله عليه وسلم فأصبح المعروف فيه منكرا والمنكر معروفا، ولكن أين نحن من هذا الذي جاء به سيد الأنبياء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

 

وأين نحن من أخلاق النبوة؟ حقا إننا نعيش اليوم أزمة أخلاق في كل المستويات، وكل هذا بسبب ضعف الوازع الديني، فلا يمثل الدين مرجعية ولا رادعا ولا موجها والسبب الرئيسي في ذلك التيه والضياع، هو غياب القدوة في كل المجالات الاجتماعية، بدءا بالأسرة الى آخره، فقيمة الرمز والمرجعية قد تلاشت في مجتمعنا فلم نعد نرى “كبير لأى إنسان إلا ما رحم الله ” ولم يعد للمعلم سطوته التي كان عليها وبالمنهج النبوي لم نعد نرى أثرا لحديث ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” فإن صلاح الأخلاق عامل رئيس في قوام المجتمع وبنائه وصلاحه، فإذا شاعت في المجتمع الأخلاق الحسنة من الصدق والأمانة والعدل والنصح أمن الناس وحفظت الحقوق وقويت أواصر المحبة بين أفراد المجتمع.

 

وقلت الرذيلة وزادت الفضيلة وقويت شوكة الإسلام وإذا شاعت الأخلاق السيئة من الكذب والخيانة والظلم والغش فسد المجتمع واختل الأمن وضاعت الحقوق وانتشرت القطيعة بين أفراد المجتمع وضعفت الشريعة في نفوس أهلها وانقلبت الموازين ، وإننا لو نظرنا إلى حياتنا المعاصرة لوجدنا انفصالا بين ما نقرأه ونتعلمه ونتعبد به وبين ما نطبقه على أرض الواقع، وقيل في قصة تدل على مدى الانفصام والانفصال بين النظرية والتطبيق، قيل أن شاب يعمل في دولة أجنبية، فأعجبته فتاة أجنبية فتقدم لخطبتها وكانت غير مسلمة، فرفض أبوه لأنها غير مسلمة، فأخذ الشاب مجموعة من الكتب تظهر سماحة الإسلام وروحه وسلوكياته وأخلاقه ثم أعطاها لها، طمعا في إسلامها والزواج منها.

 

فطلبت منه مهلة شهرين تقرأ الكتب وتتعرف على الإسلام وروحه وأخلاقه وسماحته، وبعد انتهاء المدة تقدم لها فرفضته قائلة لست أنت الشخص الذي يحمل تلك الصفات التي في الكتب، ولكني أريد شخصا بهذه الصفات، فإن بناء الشخصية على أساس من القيم والأخلاق الرفيعة، تكون منذ نشأة الإنسان وصغره وتعلمه، وما العلم في جوهره إلا تجسيد للأخلاق، وإعلاء للقيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى