مقال

الدكروري يكتب عن أتمنى أن أرجع الي الدنيا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أتمنى أن أرجع الي الدنيا

بقلم/ محمـــد الدكــــروري

 

أتمنى أن أرجع الي الدنيا، قالها الصحابي الجليل جابر بن عبدالله عندما قال لَقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي “يا جابر، ما لي أراك منكسرا؟ قلت يا رسول الله، استشهد أبي، قتل يوم أحد، وترك عيالا ودينا، قال “أفلا أبشّرك بما لقي الله به أباك؟ قال قلت بلى يا رسول الله، قال “ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا، فقال يا عبدي، تمن علي أعطك، قال يا رب، تحييني فأقتَل فيك ثانية، قال الرب عز وجل إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال يا رب، فأبلغ من ورائي، قال وأنزلت هذه الآية ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا” رواه الترمذي، وتعرف الشهادة في سبيل الله على أنها موت المسلم خلال جهاد الكفار بسبب من أسباب قتالهم قبل انتهاء الحرب.

 

كالذي يقتله كافر، أو يقتله مسلم خطأ، أو يرتد عليه سلاحه فيقتله، أو يسقط من مرتفع فيموت، أو ترفسه دابته فيموت، أو يقتله مسلم باغ استعان به أهل الحرب، وبشكل أساسي يطلق لقب الشهيد في الإسلام على من يقتل أثناء حرب مع العدو، سواء أكانت المعركة جهاد طلب أي لفتح البلاد ونشر الإسلام فيها، أم جهاد دفع أي لدفع العدو الذي هاجم بلاد المسلمين، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم “من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه في سبيل الله” وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال، قال أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، ويقاتل ليرى مكانه، من في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم.

 

من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله “البخارى، وإن لسبب تسمية الشهيد شهيدا، فإن للعلماء في ذلك أقوال شتى منها لأنه حي، فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة، أو لأن الله ورسوله وملائكته يشهدون له بالجنة، أو لأنه يشهد أى يرى عند خروج روحه ما أعدّ له من الكرامة، أو لأنه يُشهد له بالأمان من النار، أو لأن ملائكة الرحمة تشهده عند موته، وتشهد له بحسن الخاتمة، أو لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره، أو لأن الله يشهد له بحسن نيته وإخلاصه، أو لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل، وقد قال الإمام السهيلى رحمه الله ” وأولى هذه الوجوه كلها بالصحة أن يكون فعيلا بمعنى مفعول، ويكون معناه مشهودا له بالجنة، أو يشهد عليه النبي صلى الله عليه وسلم كما قال “هؤلاء أنا شهيد عليهم”

 

أى قيم عليهم بالشهادة لهم، وإذا حشروا تحت لوائه، فهو والى عليهم، وإن كان شاهدا لهم، فمن هنا اتصل الفعل بعلى، فتقوى هذا الوجه من جهة الخبر، فدل على أن الشهيد مشهود له، ومشهود عليه، وهذا استقراء من اللغة صحيح، واستنباط من الحديث بديع، فقف عليه” وإن الشهداء هنا كل مؤمن بالله، صادق الايمان، صحيح العقيدة، وفي لربه، وأدى ما عليه، وحمى مقدساته، واستبقى الأرض بعده أرضا إسلامية، يصيح المؤذن فوقها بكلمات التوحيد، وتكبير الله وتمجيده، يستبقي الأرض بعده أرضا إسلامية كما أسلمها إلينا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والقائد عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فيجب علينا أن نسلمها نحن لمن بعدنا أرضا إسلامية، وجه الإسلام فوقها نضير، وتاريخه فوقها كبير، أولئك هم الشهداء.

 

وأولئك الذين يجب أن نحتفل بذكراهم، وأن نعلم أولادنا تاريخهم، وأن تكون سيرهم أمام أعيننا، وإن الشهداء يجب أن يحتفل بهم، ولقد قيل أن الروس لهم يوم يسمونه يوم الدم، وهى تسمية رهيبة، لكنهم يريدون بهذا أن ينشروا الباطل، أو يساندوا ما لديهم من عقائد منحرفة بالتضحية، فإذا كان الناس يجعلون من أيامهم يوما للدم، فان المسلمين ينبغي عليهم أن يجعلوا من أيامهم أو من ذكرياتهم يوما للشهداء، فإن من أعلى المقامات التي تورث الجنات، ورضاء رب العباد، مقام الشهداء عند الله تعالى، أولئك الذي بذلوا أنفسهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله، أولئك الذين ارتوت الأرض بدمائهم، لا لشيء إلا لتكون كلمة الله هي العليا، وإنه عجيب أمرك أيها الإنسان.

 

قد يوصلك إيمانك بالله إلى أن ترقى أعلى الدرجات ويُراق دمك في سبيل الله من أجل دينك وعقيدتك ودعوة الناس إلى الله تعالى، فإننا نريد أن نلج روضات الشهداء، وأن نستأنس بالحديث عنهم، ونتشرف بكلامنا عن مآثرهم التي جاء بها كتاب ربنا ونطقت بها سنة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى