مقال

الدكروري يكتب عن للشهيد عند الله ست خصال

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن للشهيد عند الله ست خصال

بقلم/ محمـــد الدكــــروري

 

إن من أفضل المناقب التي ينالها الشهداء ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة” وهذا الحديث الشريف يدل علي أنه لو قتل تحت حديد الدبابات فلن يجد من مس القتل إلا ما ذكر لنا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن الله تعالى يدعو يوم القيامة الجنة، فتأتي بزخرفها وريّها، فيقول أين عبادي الذين قاتلوا في سبيل الله، وقتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي؟ ادخلوا الجنة، فيدخلونها بغير حساب ولا عذاب، فتأتي الملائكة، فيقولون ربنا نحن نسبح لك الليل والنهار، ونقدس لك من هؤلاء الذين آثَرتهم علينا؟

 

فيقول الرب تبارك وتعالى هؤلاء الذين قاتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي، فتدخل عليهم الملائكة من كل باب سلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدار” رواه الحاكم، وعندما تنقل لنا وسائل الإعلام صور جثامين الشهداء، فإن مما يصبر المؤمن أن يتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” للشهيد عند الله ست خصال، يُغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه” رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد، ولكن من ذا الذي يدخل الجنة ثم يحب أن يرجع إلى الدنيا؟ هل يمكن أن تقع هذه الأمنية؟ ومن ذا الذي يتمنى أن يرجع لدار نعيمها منغص؟ فإن الجواب يرويه لنا الإمامان البخاري ومسلم.

 

من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة” فمن فاته الجهاد ونيل شرف الشهادة فليعن المجاهدين في سبيل الله، ويمد يد العون والإغاثة لأهل المجاهدين وأسرهم، فقد جاء في الحديث الذى رواه البخارى ومسلم ” من جهّز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا” أي بقضاء حوائج أهل المجاهد ومساعدتهم والإنفاق عليهم، وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بناقة مخطومة فقال هذه في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة مخطومة” رواه مسلم، وإن هذه المعاني وهذه الفضائل.

 

لن تصل إليها أمة مخمورة إلى آذانها بالدنيا وملاعبها وملاهيها، لا، لن تصل إليها أجيال ترقص طربا ومجونا على أشلاء إخوتهم أهل الإسلام هناك من أجل فوز في مبارة كروية، أو مسابقة خيل، أو مسابقة مزايين إبل، لا، ثم لا، ولن تفهم هذه المعاني ولا تدركها وهي متثاقلة إلى الأرض، مطمئنة إلى الرخاء والترفه، ولن تفقهها أمة تنفق الملايين في معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفي طرق الغواية والضلال، فإن علينا أن نحيي في أنفسنا هذه المعاني الربانية الراقية التي فهمها الصحابة الكرام رضى الله عنهم أجمعين، فإن فكرة الناس عن الموت غامضة، أو بتعبير دقيق، فكرة يكتنفها خطأ كثير، فإن أغلب الناس يظن الموت فقدان الإحساس، وانتهاء الحياة، والدخول في أودية العدم، والتلاشي للذات الإنسانية.

 

وكما تنفق دابة من الدواب، ثم ترمى تحت أكوام التراب، لتتحول بعد قليل ترابا، أو كما تذبح بقرة، وتتوارى في بطون الآكلين، وتنتهى، كذلك ينتهي الناس بالموت، وهذا ظن عدد كبير من الناس في الموت، وهو ظن يردد ظن الجاهلية الأولى، ويصور فهمها الشارد للحياة والموت معا، وهو فهم شاع في العصور الحديثة، لأن هذه العصور عبدت الحياة الدنيا، وأنكرت ما وراءها، ولذلك فهي تحسب المادة هي الحياة، وما وراء المادة وهم، وإن تفكير الناس في أن الموت نهاية الآلام هو الذي يجعل رجلا متألما ينتحر، لماذا؟ يتصور الأحمق أن الموت يحسم الوجود، ويقطع الألم، ولو أدرك أنه بالموت سوف يبقى حيا، وأنه بالموت ينتقل من مرحلة تمثل وجودا محدودا إلى مرحلة تمثل وجودا غير محدود لتريث كثيرا قبل أن يزهق روحه، وقبل أن يقتل نفسه، ولكن هذا التفكير المادى البحت غلب كثيرا من الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى