مقال

الدكروري يكتب عن الرقي والتقدم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرقي والتقدم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الرقي والتقدم في أية بقعة من بقاع العالم، وفي أي مجال من مجالات الحياة الانسانية، ماضيا وحاضرا، لا يكون بناؤهما إلا على يد ابناء مجتمعها، فعندما يغرس الإسلام في روح الإنسان حب الخير والصلاح وأعمال البر، إنما يقصد خلق نموذج إنساني تتجسد فيه كل مقومات الصلاح والنبل والجمال، فمتى صار الإنسان صالحا، فإنه سيكون فيضا من العطاء الخير، ليس لنفسه فحسب، وإنما للعالم أجمع، ولذلك حينما نتأمل حالة مجتمعنا اليوم ونحاول أن نرصد نشاط شبابه عن كثب، نجده منصرفا إلى ما يهدم دعائم هذا الوطن بدل بنائها وإقامتها، إذ يختفي حس المسؤولية وينعدم الواجب وتغيب التضحية وراء ستائر العبث.

 

والاستهتار واللامبالاة، فلا يبقى إلا الدور السلبي الذي أصبح يقوم به معظم الشباب إذا لم نقل كلهم استثناء لفئة قليلة جدا، إلا ما رحم الله عز وجل، وإن من سنن الله تعالى في البشر، أن أوجد فيهم المصلحين والمفسدين، وجعل الصراع بين الفريقين إلى آخر الزمان، وحين أخبر الله تعالى أنه مستخلف بشرا في الأرض خاف الملائكة من فساد البشر، فقال تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء” فأجابهم الله تعالى بقوله ” إنى أعلم ما لا تعلمون” وما يعلمه سبحانه وتعالى أن سعي المصلحين بالصلاح في الأرض فيه من المصالح ما يربو على فساد المفسدين، ويكفي المصلحين شرفا وعزا.

 

أن الله تعالى نوه بهم في أول خطابات خلق البشر، كما تدل الآيات على أهمية الإصلاح في الأرض، وأن كثرة المصلحين خير للبشرية كما أن وجود المفسدين شؤم عليها، وتتابعت شرائع النبيين عليهم السلام تسعى بكل أنواع الإصلاح، وتحارب الفساد في كل مجالاته، فقال الله تعالى فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها” واجتمعت كلمة أنبياء الله تعالى عليهم السلام لأقوامهم على قولهم كما قال تعالى فى سورة البقرة ” ولا تعثوا فى الأرض مفسدين” وإن الصلاح مختص في أكثر الاستعمال بالأفعال، وقوبل في القران تارة بالفساد وتارة بالسيئة، فقال تعالى فى سورة التوبة ” خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا”

 

وقال تعالى أيضا فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها” والصلاح هنا يراد به أن يكون الإنسان صالحا في ذاته، قد بدأ بنفسه فطهرها وهذبها وأقامها على الصراط فأصبحت نفسا طيبة صالحة، ويقول الإمام الغزالي رحمه الله “فحق على كل مسلم أن يبدأ بنفسه فيصلحها بالمواظبة على الفرائض وترك المحرمات” ويقول الإمام الغزالي رحمه الله بعدما وضح واجب المسلم تجاه نفسه بتهذيبها، شرع في بيان معنى الإصلاح فقال ثم يعلم ذلك أي الذي قام بتهذيب نفسه وصلاحه ثم أهل بيته، ويتعدى بعد الفراغ منهم إلى جيرانه ثم إلى أهل محلته ثم إلى أهل بلده ثم إلى أهل السواد المكثف.

 

ثم إلى أهل البوادي من الأكراد والعرب وغيرهم” وبتوافر عنصري الصلاح في النفس والإصلاح للنفس يتحقق للإنسان اكتمال فضيلة أخلاقية قرآنية ذات شقتين، يكمل احدهما الأخرى وهي الصلاح والإصلاح، والعلاقة بين الصلاح والإصلاح أكيدة ولا ينفكان عن بعضهما البعض، وإلا فما الفائدة من الصالحين؟ فالإصلاح قوام بقاء المجتمع وخيريته، لكن لا تنفك علاقته عن الصلاح، فلا صلاح بدون إصلاح، ولا إصلاح بدون صلاح، فقال تعالى فى سورة الرعد ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى