مقال

الدكروري يكتب عن العنكبوت والتفكك الأسري

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العنكبوت والتفكك الأسري

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الله سبحانه وتعالى أبى أن تكون هذه الدنيا كاملة في لذتها وفرحها ومتعتها وزينتها، فلابد أن يحصل شيء ما من الكدر والضيق، ولعل من حكمة الله تعالى في ذلك أن يتذكر المسلم بنقصان نعيم الدنيا كمال نعيم الآخرة، وإذا تكلمنا عن التفكك الأسرى فسوف نتذكر العنكبوت، والعنكبوت هو حيوان صغير وذكره يدعي عنكب أما أنثاه فهي العنكبوت، وهي التي تبني البيت وتصل عدد الخيوط إلى ربعمائة ألف خيط وطول الخيط الواحد عشرين سنتيمتر، وللعنكبوت ثمانية أرجل وأربعة أزواج من العيون، وتستخدم الخيوط للقبض على فرائسها وخيوطه تعتبر من أقوى الألياف الطبيعية، وليست لها أجنحة ولا أعضاء للمضغ.

 

وهي لا تنتمي إلى صف الحشرات بل إلى العنكبيات وهو فرع من المفصليات، وهي بذلك ذات صلة قرابة مع العقارب والقراد، وبعض الحيوانات المفصلية البحرية، وفصيلة العناكب منتشرة ومتنوعة، وهى تعيش في جميع المناخات، وعلى مستوى كل الارتفاعات، ويوجد منها حوالي خمسمائة نوعا بالمغرب، وهى لا تسبب أذى للإنسان، باستثناء بعض الأنواع، ومن أشهرها الأرملة السوداء، فالعناكب، وإن كانت مخلوقات غير محبوبة لدى الإنسان، إلا أنها صديقة له، بل وذهب البعض إلى حد القول بأنه لولاها لما كان للإنسان مستقر على الأرض، وذلك لأنها تقضي معظم وقتها في اصطياد الحشرات والفتك بها، فلولاها لتكاثرت الحشرات وأتت على الأخضر واليابس.

 

وإن معظم العناكب لها أربعة أزواج من العيون تقع أعلى الجبهة من مقدمة الرأس، وتمتلك العناكب جسما مقسما إلى جزأين بدلا من ثلاثة بالمقارنة مع الحشرات، وثمانية أرجل عوضا عن ستة، وبهذا فهي لا تتبع للحشرات بالتصنيف، وتمتاز العناكب بالتنوع اللوني الكبير، وهذا يساعد على حصرها ضمن عائلات محددة، فبعضها يمتلك أجساما داكنة اللون تنتشر عليها بُقع زاهية، مثل العنكبوت الغازل المداري، وهناك عائلة أخرى تمتلك بطونا بنية اللون، أو سوداء مخططة الجانبين بألوان أفتح كالعناكب الذئبية، في حين يمتلك عنكبوت الباب المسحور رأسا كبيرا لونه مختلف بالعادة عن لون بطونهم، وقد ضرب الله سبحانه وتعالى الأمثال للمشركين.

 

فقد ضرب لهم مثلا بيت العنكبوت في ضعفه ووهنه، لأنهم اتخذوا آلهة من دون الله سبحانه وتعالى، ويرجون النصر والرزق من هذه الآلهة من غيره، فجاء تشبيههم في القرآن الكريم ببيت العنكبوت لضعفه ووهنه، ولا ينالون من آلهتهم شيئا كمن يرجو القوة من بيت العنكبوت ويتمسك به، وهذا بخلاف المؤمن بالله سبحانه وتعالى، المتمسك بالعروة الوثقى وبالدين، وأن الله سبحانه وتعالى يعلم شركهم وسيجزيهم به وأنه حكيم عليهم، وقد قال الله عز وجل “وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت” وإن توضيح مفهوم أوهن البيوت لبيت العنكبوت في الآية الواردة في سورة العنكبوت، فقال الله عز وجل “مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت”

 

فالآية الكريمة تحمل معنى صريحا وواضحا بأن أوهن البيوت هو بيت العنكبوت وأكثرها ضعفا وهشاشة، وقد أكد العلم الحديث أن خيوط شبكة العنكبوت هي مادة مصنوعة من سائل بروتيني يتصلب عند تعرضه للهواء، وأن هذه الخيوط لو اجتمعت في سماكة الإصبع لأصبحت أقوى من الفولاذ بعشرين مرة، ولاستطاعت حمل عشرات الأطنان، ولكن المعنى الذي أشارت إليه الآية الكريمة هو المقصود، وهن وضعف الحالة الأسرية والأخلاقية لبيت العنكبوت، فالحديث في الآية الكريمة عن أنثى العنكبوت، التي اتخذت بيتا، والتي تأكل الذكر بعد الانتهاء من عملية التلقيح وتأكل أبناءها بعد عملية التفريخ والأبناء يأكل بعضهم بعضا، فالتشبيه لبيان تقطيع الروابط بين الكافرين وما يعبدون من دون الله سبحانه وتعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى