مقال

الدكروري يكتب عن مضار أكل الحرام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مضار أكل الحرام
بقلم / محمــــد الدكـــروري

لقد ميّز الله الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل، وإن مظاهر قدرة الله التي تتجلى في الإنسان لا يمكن حصرها أو عدّها، فمنذ تكوّن هذا الإنسان في بطن أمه يتجلى لطف الخالق وقدرته، فمن ماء مهين خلق الإنسان وتكوّن كعلقة في رحم الأم جعلها الله في قرار مكينفي بطانات الرحم، ثم تصبح العلقة مضغة، ثم تتشكل العظام، ويغطيها اللحم، فيكبر الجنين ليصبح نبضه مسموعا وحركته محسوسة، إلى أن يحين موعد قدومه إلى هذه الدنيا، فيهيئ الله لهذا المولود الحليب من أمه، ترضعه وتحسن رعايته، ويهيئ له أبوين يرعيانه حتى يشبّ كل ما سبق يهيأ للإنسان بلطف الله وعنايته، وإن من مضار أكل الحرام، هو إفساد القلب.

إذ هناك رابطة وثيقة بين صلاح القلب وفساده، وبين ما يُدخل المرءُ جوفَه، ولهذا السبب قال النبي صلى الله عليه وسلم “الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس” ثم قال بعد ذلك “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” متفق عليه، وقال المناوى “وأوقع هذا عقب قوله”الحلال بيّن” إشعارا بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه، والشّبه تقسيه” فآكلو الحرام قساة، جفاة، نزع الله تعالى من قلوبهم العطف والشفقة، فلا يرحمون فقيرا، ولا يعينون محتاجا، وأيضا من العواقب هو منع الاستجابة، فالحرام حاجز يمنع قبول الدعاء، وتحقيق الإجابة.

فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم”الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذى بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك؟” رواه مسلم، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه “بالورع عما حرم الله، يُقبل الدعاء، والتسبيح” ويقول العلامة ابن رجب “أكل الحرام، وشربه، ولبسه، والتغذى به، سبب موجب لعدم إجابة الدعاء” وأيضا هدم الأعمال، فيكون أكل الحرام سببا في تعطيل الأجر على العبادات الأخرى، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم”لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول” رواه مسلم، ويقول ابن عباس رضي الله عنه “لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام”

ومن جميل قول وهب بن الورد “لو قمت في العبادة مقام هذه السارية، لن ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك، حلال هو أم حرام” ويقول بعض السلف ” إن الرجل إذا تعبد، قال الشيطان لأعوانه انظروا من أين مطعمه، فإن كان مطعم سوء، قال دعوه يتعب، فقد كفاكم نفسه” وأيضا من العواقب لأكل الحرام هو الإحساس بالخزى والذل فآكل الحرام يذل نفسه، لأنه يعيش على ظلم غيره، وأكل أموالهم، والاعتداء على حقوقهم، فقلبه بالخزي يعتصر، ونفسه من الحق تشمئز، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم “والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس” رواه مسلم، وأيضا حرمان تعدي أثر الطيب إلى العقب.

بحيث يحفظ الله النسل، ويبارك فيه، وقال ابن المنكدر رحمه الله “إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده، وولد ولده، والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى