مقال

الدكروري يكتب عن إتباع الهوى لإشباع الغريزة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إتباع الهوى لإشباع الغريزة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن مما يخفى على كثير من الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريما من الله لهم، لا اختبارا لشكرهم، فيسيئون استخدامها، ويغترون بها، ولا يبالون إن كان ذلك يسخط الرب أم لا، فيفسدون ولا يصلحون، وعلى الله يستعلون، وبالله ونعمه يجحدون، وبآلائه يكذبون، ومن هنا يستثمر العبد هذا الابتلاء بالتوبة والرجوع إلى الله، وترك الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات والعبادات، وأما عن الجدال المحظور والمذموم وهو الذى يغلب على أصحابه حب النفس واتباع الهوى من أجل إشباع غريزة الحاجة الى الظهور والتميز عن الاخرين، فيغلب عليهم التعصب الاعمى ويسيطر عليهم الغضب، مما يفضى فى النهاية الى المنازعة والمخاصمة، وربما ادى الى أسواء من ذلك.

 

ويشيع هذا النوع بين عامة الناس وبسطائهم الذين لم يحصّلوا قدرا كافيا من العلم والثقافة، فما أن يطرح أحدهم موضوعا ما إلا ويسارع المحيطين بإدلاء آرائهم وطرح أفكارهم، وبنفس السرعة يتحول الحضور الى فريقين مؤيد ومعارض، ويسير الجدال فى مثل هذه الظروف فى عدة مراحل من السئ الى الاسوأ، فيحاول كل طرف أن يثبت تفوقه وأن رأيه صواب لا يحتمل الخطأ وأن رأى الطرف الاخر خطأ لا يحتمل الصواب، وان كان فى الجلسة أكثر من اثنين تحول الامر الى فوضى، كما لو كانت سوقا مملؤا بالصخب والضجيج، حيث يتسابق الجميع الى الكلام ومن ثم تعلوا الاصوات وتتداخل، وإن لاح لأحد الطرفين أن نظيره أقوى حجة منه وأبين دليلا منه.

 

سارع بالنيل من الاخر والتجريح فى شخصه، والتقليل من شأنه بسخرية واستهزاء، محاولا صرف الانظار بعيداً عن الموضع حتى يتسنى له الظهور عليه، وأما الطرف المستهان به فلن يرضخ لمثل ذلك، فتراه تارة يدفع عن نفسه وأخرى يهاجم الاخر بمثل صنيعه، وقد دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا يا أبا بكر، نحدثك بحديث ؟ قال لا، قال فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل؟ قال ” لا، لتقومن عني أو لأقومنه ” وأما عن شروط الجدال المباح فهى إظهار التجرد، والتعقل أثناء الجدال، وتركُ العناد، واتباع الهوى، وجدال الطرف المقابل بالتي هي أحسن، فيكون ذلك بالرفق واللّين، وترك التعالي والغرور، فإن كان ذلك في الجدال كان مذموما.

 

كونه سيؤدي إلى العديد من المفاسد، والأضرار، وكذلك العلم بموضوع الجدال، والبصيرة فيه، وإن لم يكن ذلك فإن الجدال يكون مذموما ممقوتا، وأيضا رجاء الفائدة، والجدوى من الحوار، ومن تلك الفوائد دفعُ الضرر، أو جلب الخير، أو المنفعة، والحرص على أن يكون موضوع النقاش ذا قيمة، والبحث في جوهر الأمور، وترك التشعب في جزئياتها، وثناياها، وعدم الحياد إلى النقاط الفرعية، فأطراف الحوار هنا يبحثون عن نقاط الاتفاق، لا العكس، وينقسم الجدال، إلى أقسام كثيرة فمنها ما هو كفر بالله تعالى، ومنها ما يوجب النار عياذا بالله تعالى، ومنها ما هو علامة على الضلال، ومنها ما يورث العداوة ويقطع المودة، ومنها ما يولد الكبر في قلب صاحبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى