مقال

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم مع الجبل

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم مع الجبل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المخرج لأمتنا من هذه الغفلة التي تعيش فيها وطوق النجاة لها، لا يكاد يغيب عنا في آيات القرآن المُنزل، ولا في وحي النبي المُرسل صلى الله عليه وسلم حيث الاعتصام والاستمساك بحبل الله ورسوله، وتحقيق الوحدة بالأخوة الإيمانية، فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قبل البعثة قد خرج من ضوضاء مكة وشتات عبادة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى إلى جبل النور، حيث الطمأنينة والتفكر ومناجاة الله، حتى جاءت رسل الله بالحق المبين، فاهتزت عروش الشرك وتهاوت أصنامه أمام صيحات التكبير، وحين وجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المعارضة والمحاربة من كفار قريش، وعزموا على قتله، هاجر من مكة للمدينة واحتمى في غار ثور.

 

ليبعد الأعين عن طريقه ويواصل رحلته نحو المدينه الطيبة، وفي كل تلك المراحل من بداية تحنثه صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي عليه وطريق هجرته، كان الجبل مرة أنيسه وطمأنينته، ومرة حصنه وأمانه بحول الله، وحتى حين نزلت طلائع الوحي الأولى، كان الجبل شاهدا على اللحظات الأولى له، ثم حين استقر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، ووقعت غزوة أحد، استُشهد عددٌ من الصحابة وتعالت الأصوات أن الرسول صلى الله عليه وسلم تم قتله، في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محتميا بشق في جبل أحد ومعه عدد من الصحابة، فهذا الجبل عاش مع الصحابة أحداث المعركة، وابتلت صخوره بدمائهم الزكية.

 

فنشأت علاقة محبة بينه وبين المسلمين، ويقول عنه النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” أحد هو جبل يحبنا ونحبه ” كما أخبر بذلك الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والتسليم، وظهرت تلك المحبة حين صعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وذو النورين عثمان بن عفان، فاهتز الجبل فرحا بهم، فقال له النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” اثبُت أحد، فإن فوقك نبي وصديق وشهيدان ” وهذه الجبال رغم صلابتها وصمتها إلا أنها تشفق وتأبى ويقول الله تعالى ” إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها واشفقن منها ” وكما أنها تسبح بحمد الله ، فيقول الله سبحانه وتعالى ” وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن”

 

وحتى في الآخرة لم يغيب ذكر الجبال ومصيرها وحالتها في ذلك اليوم العصيب، فالله عز وجل يصف حالتها بقوله ” وتكون الجبال كالعهن المنفوش” وقوله تعالي ” وبست الجبال بسا” وكما يجيب عن سؤال قد يشغل بالنا وهو مصير تلك الجبال، فيقول الله سبحانه وتعالى ” ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا” والجبال هي تلك الكتلة الضخمة التي تتكون من الحجارة الكبيرة والصخور الضخمة، والتي توجد على مساحة كبيرة من الأرض وللجبال قمة صخرية دقيقة وحادة، وسفح شديد الانحدار، وللجبال ثلاثة أنواع هي الجبال البركانية، والجبال الالتوائية، والجبال الكتلية، وفي قوله تعالى “والجبال أوتادا” يبين لنا الله سبحانه وتعالي، أن للجبل أوتادا تمتد تحت سطح الأرض.

 

حتى تثبّت الجبال في مكانها بحيث لا تميل وتسقط، وتلك تبيّن عظمة الله تعالى في خلق الجبال، ولقد خلق الله تعالى الأرض على شكل طبقات واحدة تلو الأخرى، وتتكون تلك الطبقات من الرمال والنباتات والجليد والتراب، وهي تبيّن أن القارات التي تشكل الكرة الأرضية تستند إلى البازلت، والبازلت عبارة عن مادة صخرية قاسية، وتحت ذلك البازلت توجد طبقة ثالثة وهي قشرة الأرض المتجمدة، والتي قيل أنها تتحرك في السنة سنتيمترا واحدا أو اثنين على الأكثر، فإذا قامت الكتل الصخرية بالتحرك من القشرة الأرضية فسوف يحدث تباعد بين تلك الكتل، وبالتالي تخرج مادة سائلة من جوف الأرضح تلك المادة هي التي تكوّن الجبال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى