مقال

الدكروري يكتب عن والجان خلقناه من قبل من نار السموم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن والجان خلقناه من قبل من نار السموم

بقلم / محمـــد الدكــروري

 

إن هناك بعض الناس خلقهم الله تعالي لهم أبصار وأسماع لا يوجهونها إلى التأمل والتفكر فيما يرون من آيات الله في خلقه، وفيما يسمعون من آيات الله المنزلة على رسله، ومن أخبار التاريخ الدالة على سننه تعالى في خلقه، فيهتدوا بكل منها إلى ما فيه سعادتهم في دنياهم وآخرتهم، ولقد انتقد جهل المسلمين بالعلوم الطبيعية، حتى وإن أخذها بعضهم فإنه يقلد الغرب ويبحث عن منافع الأشياء للاستفادة منها في الحياة الدنيا، دون أن تكون تلك العلوم موصلة له إلى الآخرة، فقال “ومن أصاب منهم حظا من هذه العلوم ويقصد المسلمين فإنما أخذه عن الإفرنج أو تلاميذهم المتفرنجين فكان مقلدا فيه لهم لا مستقلا، ولم يتجاوز طريقهم في البحث عن منافع هذه الأشياء لأجل الانتفاع بها في هذه الحياة الدنيا.

 

وإنه يصدق على هؤلاء العلماء الذي استعملوا عقولهم وأبصارهم وأسماعهم في استنباط حقائق العلوم ونفعها المادي العاجل، ما يصدق على الذين أهملوا استعمالها، وآثروا الجهل على العلم بها، فقال تعالى ” يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون” والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم أكرمه الله تعالى بأن ختم الله به الرسالات وأتم به النبوات وأنزل عليه آخر الكتب السماوية الذي هو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والجن كما مرّ معنا أنهم مخلوقون من نار، ومع ذلك لما رزق بعضهم الإيمان رزق التأثر بالقرآن ولما ذهب نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام فرده أهلها فرجع حزينا مكلوما عليه الصلاة والسلام.

 

ورجع من الطائف متجها إلى مكة حتى وصل إلى وادي نخلة فوقف عليه الصلاة والسلام يصلي يناجي ربه تبارك وتعالى ويدعوه ” اللهم أنت ربي ورب المستضعفين في الحديث المعروف ” فأخذ يصلي ويقرأ القرآن عليه الصلاة والسلام فاجتمعت الجن الطائفة التي كانت متوجهة إلى وادي نخلة تنظر لماذا أغلقت في وجهها أبواب السماء حيث قال الله تعالي “وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا” فوقفوا يستمعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى تكالب بعضهم على بعض، ويقول الله تعالى مصورا لذلك المشهد العظيم “وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا” فالداعي هنا هو نبينا صلى الله عليه وسلم والذين كادوا يكونون عليه لبدا هم الجن، فاستمعوا للنبي صلى الله عليه وسلم.

 

ولم يكن يشعر بوجودهم عليه الصلاة والسلام فلما انصرفوا أخبر الله تعالى نبيه بالذي كان، حيث قال الله تعالى “قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا، يهدي إلى الرشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحدا” ولهذا سميت السورة باسهم سورة الجن، ثم ذكر الله تعالى الأمر تفصيلا في سورة الأحقاف، فقال جل شأنه “وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين، قالوا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم” وهذا فيه إشارة إلى أن أولئك الجن كانوا من اليهود، وأنهم قالوا “أنزل من بعد موسى” ولم يذكروا نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام وموسى إنما بعث لليهود.

 

ولقد أضمر الشيطان وأظهر العداوة لبني آدم، بل لقد تعرضت الشياطين للأنبياء عليهم الصلاة والسلام تريد أن تؤذيهم وتفسد عبادتهم، فعن أبي الدرداء رضي الله عنهم أنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فسمعناه يقول “أعوذ بالله منك” ثم قال “ألعنك بلعنة الله” ثلاثا، وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من صلاته قلنا يا رسول الله سمعناك تقول شيئا في الصلاة لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك قال”إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت أعوذ بالله منك ثلاث مرات، ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر، ثم أردت أن آخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة” ويقول الله تعالى في سورة الحجر.

 

“ولقد خلقنا الإنسان من حمئ مسنون، والجان خلقناه من قبل من نار السموم” فهذا نص قرآني يدل على أن الجن خلقت قبل الإنس، لكن هل عمروا الأرض أو لا ؟ وهذا سؤال عائم لا نستطيع أن نجيب عليه، لكن هناك شواهد وقرائن ليست منطوقة لكنها مفهومه في أن الجن عمروا الأرض، ومنها قول الله تعالى على لسان ملائكته لما أخبرهم سبحانه وتعالى أنه سيخلق بشرا قالوا “أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك” وقد كثرت أقوال علماء التفسير حول هذه الآية وقالوا أن ذلك القول من الملائكة ناجم عن أن الجن كانت تفسد في الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى