مقال

الدكروري يكتب عن مثل الحياة الدنيا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مثل الحياة الدنيا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

علينا جميعا أن تتأمل لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها فقد ذكر سبحانه وتعالي أن الذي فيها نوعان، نوع من زينتها، يتمتع به قليلا ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون ونوع يبقى وينفع صاحبه على الدوام، وهي الباقيات الصالحات، وقال الماوردي رحمه الله اختلف في المقصود بضرب هذا المثل على قولين، أحدهما هو أن الله تعالى ضربه مثلا للدنيا ليدل به على زوالها بعد حسنها وابتهاجها، والثاني وهو أن الله تعالى ضربه مثلا لأحوال أهل الدنيا أن مع كل نعمة نقمة ومع كل فرحة ترحة، وقوله عز وجل ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا” لأن في المال جمالا ونفعا وفي البنين قوة ودفعا فصارا زينة الحياة الدنيا.

 

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فى قوله تعالى “المال” من أي نوع سواء كان من العروض أو النقود أو الآدميين أو البهائم، وقوله تعالى ” والبنون زينة الحياة الدنيا” ولا ينفع الإنسان في الآخرة إلا ما قدم منها، وذكر البنين دون البنات لأنه جرت العادة أنهم لا يفتخرون إلا بالبنين، والبنات في الجاهلية مهينات بأعظم المهانة كما قال الله عز وجل فى سورة النحل ” وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم” أي صار وجهه مسودا وقلبه ممتلئا غيظا ” يتوارى من القوم” يعني يختبئ منهم ” من سوء ما بشر به” ثم يقدر في نفسه ” أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب” وأنه بقي قسم ثالث وهو أن يمسكه على عز وهذا عندهم غير ممكن.

 

ليس عندهم إلا أحد أمرين، إما أن يمسكه على هون، أو يدسه في التراب، أي يدفنه فيه وهذا هو الوأد، فقال الله تعالى ” ألا ساء ما يحكمون” وقوله تعالى ” زينة الحياة الدنيا” أي أن الإنسان يتجمل به يعني يتجمل أن عنده أولادا، قدر نفسك أنك صاحب قرى يعني أنك مضياف وعندك شباب، عشرة، يستقبلون الضيوف، تجد أن هذا في غاية ما يكون من السرور، هذه من الزينة، كذلك قدر نفسك أنك تسير على فرس وحولك هؤلاء الشباب يحُفونك من اليمين ومن الشمال ومن الخلف ومن الأمام، تجد شيئا عظيما من الزينة، ولكن هناك شيء خير من ذلك، فقال تعالى ” والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا” والباقيات الصالحات هي الأعمال الصالحات من أقوال وأفعال.

 

ومنها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنها الصدقات والصيام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، هذه الباقيات الصالحات، فلا بد لنا من رجعة إلى حال الصحابة رضوان الله عليهم وعلى رأسهم نبي الله صلى الله عليه وسلم لنرى كيف عاشوا قبل أن تفتح عليهم الدنيا، وكيف كانوا وصاروا بعد أن فتحت عليهم الدنيا، إن الصحابة رضوان الله عليهم كثير منهم قد أدرك الحالين، حال الفقر، وحال الغنى، فكيف كان حالهم في وقت الفقر؟ وكيف صار حالهم في وقت الغنى؟ هل تغيرت نفوسهم؟ هل اضطربت أحوالهم؟ هل رجعوا وارتدوا على أعقابهم؟ وكيف كان حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل الفتوحات؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى