مقال

أشرف عمر يكتب الطريق إلى الجنة

جريدة الاضواء

حديث الصباح

أشرف عمر يكتب الطريق إلى الجنة

عن أبي الدَّرداءِ رضي اللهُ عنه أنَّ رجلًا جاء للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ ، دُلَّني على عملٍ يُدخِلُني الجنَّةَ.

قال له :

*{ لا تَغضَبْ ، ولكَ الجنَّةُ }.*

حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الطَّبرانيُّ، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

*شرح الحديث:*

الغَضَبُ غَريزةٌ رَكَّبَها اللهُ في طَبيعةِ الإنسانِ، وهو: تَغيُّرٌ يَحصُلُ عِندَ فَوَرانِ دَمِ القَلبِ؛ لِيَحصُلَ عنه التَّشَفِّي في الصَّدرِ، والنَّاسُ مُتَفاوِتونَ في مَبدَئِه وأثَرِه؛ ومِن ثَمَّ كان منه ما هو مَحمودٌ، وما هو مَذمومٌ؛ فمَن كان غَضَبُه في الحَقِّ، ولا يَجُرُّه لِمَا يُفسِدُ عليه دِينَه ودُنياه، فهو غَضَبٌ مَحمودٌ، ومَن كان غَضوبًا في الباطِلِ، أو لا يَستَطيعُ التَّحكُّمَ في غَضَبِه إذا غَضِبَ، ويَجُرُّه الغَضَبُ لِتَجاوُزِ الحَدِّ، وإفسادِ دِينِه ودُنياهُ؛ فهذا غَضَبٌ مَذمومٌ.

وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو الدَّرداءِ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ رجلًا طلب الوَصِيَّةَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأوصاه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ألَّا يغضَبَ، وهو مَحمولٌ على الغَضَبِ المَذمومِ. وقيلَ: لَعَلَّ السائِلَ كان غَضوبًا، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنصَحُ كُلَّ واحِدٍ مِن أصحابِه بما هو أَوْلى به ويَحتاجُه؛ فلهذا اقتَصَرَ في وَصيَّتِه له على تَركِ الغَضَبِ. وقيلَ: مَعناه: اجتَنِبْ أسبابَ الغَضَبِ، ولا تَتعَرَّضْ لِمَا يَجلِبُه، وأمَّا الغَضَبُ نَفْسُه فلا يَتأتَّى النَّهيُ عنه؛ لِأنَّه أمْرٌ طَبَعيٌّ لا يَزولُ مِنَ الجِبِلَّةِ. وقيلَ: مَعناه: لا تَغضَبْ؛ لأنَّ أعظَمَ ما يَنشَأُ عنه الغَضَبُ الكِبْرُ؛ لكَونِه يَقَعُ عِندَ مُخالَفةِ أمْرٍ يُريدُه؛ فيَحمِلُه الكِبْرُ على الغَضَبِ؛ فالذي يَتواضَعُ حتى تَذهَبَ عنه عِزَّةُ النَّفْسِ يَسلَمُ مِن شَرِّ الغَضَبِ. وقيلَ: معناه: لا تَفعَلْ ما يَأمُرُكَ به الغَضَبُ.

وقد جَمَعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قَولِه: «لا تَغضَبْ» خَيْرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ؛ لأنَّ الغَضَبَ يَؤُولُ إلى التَّقاطُعِ ومَنعِ الرِّفقِ، ورُبَّما آلَ إلى إيذاءِ المَغضوبِ عليه.

*صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى