مقال

الدكروري يكتب عن الإنسان وتراب الوطن

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنسان وتراب الوطن

بقلم / محمــــد الدكـــروري

إن تراب الوطن الذي نعيش عليه له الفضل علينا في جميع مجالات حياتنا الاقتصادية والصناعية والزراعية والتجارية، بل إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يستخدم تراب وطنه في الرقية والعلاج، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الرقية ” باسم الله، تربة أرضنا وريقة بعضنا يشفى سقمنا بإذن ربنا ” رواه البخارى ومسلم، وإن الشفاء في شم المحبوب، وإن من ألوان الدواء هو لقاء المحب محبوبه أو أثرا من آثاره، ألم يُشف نبي الله يعقوب عليه السلام ويعود إليه بصره عندما ألقَوا عليه قميص يوسف؟ فقد قال الجاحظ ” كانت العرب إذا غزت وسافرت حملت معها من تربة بلدها رملا وعفرا، تستنشقه عند نزلة أو زكام أو صداع ” وهكذا يظهر لنا بجلاء فضيلة وأهمية حب الوطن والانتماء والحنين إليه في الإسلام. 

وإن المسلم الحقيقي يكون وفيّا أعظم ما يكون الوفاء لوطنه، محبّا أشد ما يكون الحب له، مستعدا للتضحية دائما في سبيله بنفسه ونفيسة، ورخيصة وغالية، فحبه لوطنه حب طبيعي مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة، وتؤيده السنة، وتجمع عليه خيار الأمة، فيا له من حب، وقد قيل لأعرابي كيف تصنعون في البادية إذا اشتد القيظ حين ينتعل كل شيء ظله؟ فقال الإعرابى يمشي أحدنا ميلا، فيرفض عرقا، ثم ينصب عصاه، ويلقي عليها كساه، ويجلس في فيه يكتال الريح، فكأنه في إيوان كسرى، أي حب هذا وهو يلاقي ما يلاقي، إنه يقول أنا في وطني بهذه الحالة ملك مثل كسرى في إيوانه، وإن المواطنة الحقة قيم ومبادئ وإحساس، ونصيحة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

وعزة وموالاة وتضحية وإيثار والتزام أخلاقي للفرد والأمة، إنها شعور بالشوق إلى الوطن حتى وإن كان لا يعيش الفرد في مرابعه، فإن من مقتضيات الانتماء للوطن هو محبته والافتخار به وصيانته والدفاع عنه والنصيحة له والحرص على سلامته واحترام أفراده، وتقدير علمائه وطاعة ولاة أمره، ومن مقتضيات الوطنية هو القيام بالواجبات والمسئوليات كل في موضعه مع الأمانة والصدق، وإن من مقتضيات حب الوطن هو احترام نظمه وثقافته والمحافظة على مرافقه وموارد الاقتصاد فيه، والحرص على مكتسباته وعوامل بنائه ورخائه، والحذر من كل ما يؤدي إلى نقصه، وإن الدفاع عن الوطن واجب شرعي، وإن الموت في سبيل ذلك شهامة وشهادة، وفي قصة الملأ من بني إسرائيل بقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ” قالوا وما لنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ” 

وحتى تتبين مظاهر الوطنية الصادقة ويسقط زيف الشعارات فإن المتأمل في الواقع يميز بين المواطن الصالح الناصح لوطنه وبين الكاذب بالشعارات، فإن لخيانة الوطن مظاهر، وظواهر بعضها مرّ على بلادنا فحسم أمره وكبت شره، وبعضها لم يزل قائما يتشكل ويتلون ويخف ويشتد ويبين ويتوارى، وبعضها يظهر باسم الغيرة على الوطن وفي حقيقته غيرة منه، وإن المسلم الحقيقي يكون وفيّا أعظم ما يكون الوفاء لوطنه، محبّا أشد ما يكون الحب له، مستعدا للتضحية دائما في سبيله بنفسه ونفيسه، ورخيصه وغاليه، فحبه لوطنه حب طبيعي مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة، وتؤيده السنة، وتجمع عليه خيار الأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى