مقال

من: ” حكايات الزمان والمكان و البشر “

جريدة الاضواء

من: ” حكايات الزمان والمكان و البشر “

بقلم حسين عبد اللطيف

 ” بين القصرين”

هي أول روايات ثلاثية كاتبنا العالمي الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ بين القصرين و قصر الشوق و السكريةو تتناول ثلاثية نجيب محفوظ قصة حياة عائلة السيد أحمد عبد الجواد وزوجته أمينة ومن ثم أبنائهم وأحفادهم على مدار الروايات الثلاثة. و لشارع بين القصرين حكاية ففي القاهرة الفاطمية بني قصران للخلفاء كان بينهما باحة كبيرة للاحتفالات بالاعياد و المناسبات، و في العهد المملوكي بدأ سلاطين المماليك و أبناؤهم و قادتهم ينشئون على جانبي الباحة مجموعة من المباني، من أجل سكنهم و هذا ما جعل شارع مابين القصرين يتحول إلي متحف تاريخي حقيقي للعمارة المملوكية. إذ بنى السلطان برقوق مدرسة عظيمة فيه عرفت باسمه و هي تلفت الإنتباه بجدرانها العالية و مئذنتها القصيرة الغليظة، و بعد ذلك بنحو قرن من الزمان، أنشأ السلطان قلاون و ابنه محمد قصورا لهما. و اذا نظرنا نحو الشرق فإننا نشاهد ضريح الملك الصالح أيوب و اشتهر في بين القصرين سوق من أعظم الأسواق التي عرفتها مصر المملوكية و هي سوق السلاح إذ كانت تعرض فيها ترسانة عظيمة من القسي و السهام و الدروع، غير أن هذه السوق سرعان ما نقلها المماليك إلي جوار القلعة نظرا لخطرها و لعل حي ” بين القصرين ” يقع وسطا بين جميع أسواق القاهرة المحروسة و هو يمتد من الشمال إلي الجنوب. و كان الصيارفة قد أقاموا فيه سوقا لهم و إلي جانبهم كانت سوق الصنادقيين حيث الأحجار الكريمة و انواع الحلي من لؤلؤ و زمرد، و المشغولات من الحديد المتشابك بالخلاخيل و الاساور و الخواتم و الأختام، و ليس بعيدا عنهم كانت تقوم سوق الوراقين و الامشاط و حوانيت الحلوى ( سوق الكعكيين) حيث يعرضون حلوياتهم الشهية، و بالقرب منهم سوق المصنوعات الفضية و الذهبية، و سوق السروجيين المختصة ببيع و صناعة اللجم و السيور و خصوصا اللجم المصنوعة من الجلد المصبوغ بألوان مختلفة، و منها البسيط أو المطلي بالفضة و الذهب، إلي جانب متاجر المنسوجات حيث تنضد فيها أغراض الرياش و الوسائد و بطانة السروج، و نجد أيضا مباني السلطان الغوري و هي تكشف عن ذوق رفيع في الهندسة المعمارية المصرية و في الأساليب التزينيية و إتقان الزخرفة و فنون صناعتها حتى باتت تشكل شخصية قائمة في ذاتها، و ليس بعيدا من ذلك المكان في جوار جامع الازهر كانت تقوم سوق الفرائين حيث تباع انواع الفراء كالسمور و الوشق و العمائم و السنجاب، و تجد في المنطقة ذاتها أيضا سوق النجارين حيث كانت تصنع و تباع التعشيقات الخشبية مثل المشربيات و غيرها، و كذلك سوق الكفتيين لصناعة النحاس المكفت و قد كانت هذه السوق غنية بالأوعية الجميلة المطعمة بالذهب و الفضة التي أشتملت على الصواني و الطاسات و الاباريق و المباخر الجميلة المزينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى