مقال

الدكروري يكتب عن خليفة الله في الأرض

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خليفة الله في الأرض

بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لما صور الله آدم عليه السلام في الجنة، تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر ماهو، فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقاً لا يتمالك” رواه مسلم، وأخبر الله سبحانه وتعالى، ملائكة بأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض، فقالت الملائكة ” أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك” وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا” رواه البخارى، وبعد أن خلق الله عز وجل هذا الجسد بهذه الصورة، وسواه نفخ فيه الروح، وما يوجد في القرآن الكريم من أن آدم عليه السلام خُلق من تراب، أو من صلصال، أو من طين، فإنما هي مراحل في خلقه.

 

وتذكر كل مرحلة في مكانها المناسب في كتاب الله تعالى، وأما ترتيب مراحل خلق الله سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام فإنها بدأت بالتواب، ثم أضيف إليه الماء فصار طينا، ثم صار هذا الطين حمأ مسنونا، أي أسود متغير، فلما يبس هذا الطين من غير أن تمسه النار، صار صلصالا، والصلصال هو الطين اليابس لم تمسه نار، ثم نفخ الله سبحانه وتعالى، في مادة الخلق هذه من روحه، فصار هذا المخلوق بشرا، وهو آدم عليه السلام، ويوحي قول الملائكة على الله عز وجل هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض أو إلهام وبصيرة، ويكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق وما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض وأنه سيسفك الدماء، وهم بفطرة الملائكة البريئة.

 

التي لا تتصور إلا الخير المطلق ويرون التسبيح بحمد الله والتقديس له وهو وحده الغاية للوجود وهو متحقق بوجودهم هم ويسبحون بحمد الله ويقدسون له ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته، وهذه الحيرة والدهشة التي ثارت في نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلق آدم، أمر جائز على الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئا، لأنهم، رغم قربهم من الله، وعبادتهم له، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله، لا يشتركون معه في علمه، ولا يعرفون حكمته الخافية، ولا يعلمون الغيب، ولقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى، في بناء هذه الأرض وعمارتها وفي تنمية الحياة، وفي تحقيق إرادة الخالق في تطويرها وترقيتها وتعديلها، على يد خليفة الله في أرضه، وهذا الذي قد يفسد أحيانا وقد يسفك الدماء أحيانا.

 

وعندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء والخبير بمصائر الأمور ” إني أعلم ما لا تعلمون” ومما لا شك فيه أن الله تعالى لا يقدّر شيئا ولا يخلقه ولا يشرعه إلا لحكَمة بالغة ، فهو الحكيم سبحانه وتعالى، ومن صفاته عز وجل الحكمة، لكنه تعالى لم يُطلع خلقه على حكَم كل ما شاءه أو شرعه، والشريعة تأتي بما تحار به العقول لا بما تحيله العقول، وقد أدركت الملائكة أن الله سيجعل في الأرض خليفة وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنه سيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له، والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا لله وحده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى