مقال

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 4″

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 4″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع موقعة الجمل، وقبل أن يحدث القتال، وسأله هل لهؤلاء القوم ، ويعني السيدة عائشة، وطلحة والزبير رضي الله عنهم جميعا حجة فيما طلبوا من هذا الدم، إن كانوا أرادوا الله في ذلك؟ قال نعم، قال فهل لك من حجة في تأخيرك ذلك؟ قال نعم ، قال فما حالنا وحالهم إن ابتلينا غدا؟ أي بالقتال بيننا وبينهم ، قال إني لأرجو أن لا يُقتل منا ومنهم أحد نقي قلبه لله، إلا أدخله الله الجنة، وهذا لأن كل واحد منهما كان متأولا أنه على الحق، واجتهد في ذلك، فمنهم من أصاب، فله أجران، ومنهم من أخطأ، فله أجر واحد، ولا ينطبق عليهم الحديث “إذا إلتقى المسلمان بسيقيهما ، فالقاتل والمقتول فى النار” وبدأت الحرب يوم الأربعاء يوم خمسة عشرمن شهر جمادى الثاني سنة سته وثلاثون من الهجرة، واستيقظ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من نومه.

 

على صوت السيوف، والصراخ، والصياح، ولا يعلم من أين بدأ القتال، وكيف نشب بين الفريقين، وكذلك الحال في معسكر السيدة عائشة رضي الله عنها ومن معها طلحة، والزبير، وابنه عبد الله، وسائر الجيش، وصرخ علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الناس أن كفوا، أي توقفوا عن القتال لكنه لم يستطع لشدة المعركة، فلما نظر رضي الله عنه إلى المسلمين تتطاير رءوسهم بأيدي بعضهم البعض فقال يا ليتني مت قبل هذا بعشرين سنة، ونادى في الناس كفوا عباد الله، كفوا عباد الله، ثم احتضن ابنه الحسن، وقال ليت أباك مات منذ عشرين سنة، فقال له يا أبي قد كنت أنهاك عن هذا، قال يا بني إني لم أري أن الأمر يبلغ هذا، فلم يكن يتوقع أحد أن تتفاقم الأمور إلى هذه الدرجة، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد ذلك “إنا لله وإنا إليه راجعون”

 

وظل رضي الله عنه في محاولة كف الناس عن القتال، لكنه لم يستطع، وقد عمّت الفتنة، واشتد القتال، وهكذا فإن من الفتن أن يأتي على الناس زمان لا يُتبع فيه العالم، ولا يُستحيا فيه من الحليم، ولا يوقر الكبير، ولا يرحم الصغير، وإنه زمان تنتكس فيه الفطر، وتختل فيه الموازين ، فيصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا ويخوّن فيه الأمين، ويُكذب الصادق، وتشتد على المسلم غربته في دينه بين أهله وقرابته وفي مجتمعه وأمته، فإنها فتن يكثر فيها الهرج والمرج، ويكثر فيها القتل بحق وبغير حق، وفي هذا يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يأتي يوم لا يدري القاتل فيم قتل، ولا المقتول فيم قتل ” فقيل كيف يكون ذلك؟ قال “الهرج، القاتل والمقتول في النار” رواه مسلم، وقال النبى صلي الله عليه وسلم.

 

“إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء شديد وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه، هذه، فمن أحب منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ” وعندما وصل أصحاب الجمل إلى البصرة، ولم يكن لهم غرض في القتال، بل أرادوا جمع الكلمة والقصاص من قتلة عثمان بن عفان، والاتفاق مع علي بن أبي طالب في الكيفية التي يمكن بها تنفيذ القصاص، في مكان بعيد عن المدينة المنورة التي صارت في تلك الأيام معقلاً لقتلة عثمان وأنصارهم.

 

وكان في البصرة نفر من دعاة الفتنة، الذين خرجوا على الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فعمل هؤلاء النفر من دعاة الفتنة على التحريض ضد أصحاب الجمل، فقرر عثمان بن حنيف، والي البصرة من قبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن يمنع أصحاب الجمل من دخول البصرة، وأرسل إليهم حكيم بن جبلة العبدي من أجل ذلك فقام طلحة ثم الزبير يخطبان في أنصار المعسكرين، فأيدهما أصحاب الجمل، ورفضهما أصحاب عثمان بن حنيف، ثم قامت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، تخطب في المعسكرين، فثبت معها أصحاب الجمل، وإنحازت إليها فرقة من أصحاب عثمان بن حنيف، وبقيت فرقة أخرى مع ابن جبلة، واختلف الفريقان وكثر بينهما اللغط، ثم تراموا بالحجارة، ثم قام حكيم بن جبلة العبدي، بتأجيج الفتنة والدعوة إلى القتال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى