مقال

الدكروري يكتب عن توحيد الخلافة للدولة الأموية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن توحيد الخلافة للدولة الأموية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان بعد استشهاد عبد الله بن الزبير، علي يد الحجاج بن يوسف الثقفي فقد تم القضاء على دولته، وتم عودة الوحدة للأمة الإسلامية التي أصبحت في ذلك العام ثلاثه وسبعين من الهجره، تدين بالطاعة لخليفة واحد، وهو عبد الملك بن مروان، وكان من أثر هذا الظفر أن أسند الخليفة إلى الحجاج ولاية الحجاز مكافأة له على نجاحه، وكانت تضم مكة والمدينة والطائف، ثم أضاف إليه اليمن واليمامة، فكان عند حسن ظن الخليفة وأظهر حزما وعزما في إدارته، حتى تحسنت أحوال الحجاز، فأعاد بناء الكعبة، وبنى مسجد ابن سلمة بالمدينة المنورة، وحفر الآبار، وشيد السدود، وعلى قدر شهرة الحجاج بن يوسف الثقفى، فكانت شهرة ما نسب إليه من مظالم، حتى عده كثير من المؤرخين صورة مجسمة للظلم.

ومثالا بالغا للطغيان، وأصبح ذكر اسمه يستدعي في الحال معاني الظلم والاستبداد، وقد ضاعت أعمال الحجاج الجليلة بين ركام الروايات، التي تروي مفاسده وتعطشه للدماء، وإسرافه في انتهاكها، وأضافت بعض الأدبيات التاريخية إلى حياته ما لم يحدث حتى صار شخصية أسطورية بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع، وقليل من المؤرخين من أنصف الحجاج، ورد له ما يستحق من تقدير، وبعد أن انتصر الحجاج بن يوسف الثقفى، في حربه على عبد الله بن الزبير، أقره عبد الملك بن مروان على ولاية مكة، وعلى ولاية الحجاز كله، فكرهه أهل مكة، وكان الحجاج وأهل مكة والمدينة على خلاف كبير، وقيل أن عبد الله بن عمر توفي في عام أربعه وسبعين من الهجره، وقبل ذلك أمر أن يدفنوه ليلا.

ولا يعلموا الحجاج لئلا يصلي عليه، وفي خمسه وسبعين من الهجرة، وحج عبد الملك بن مروان، وخطب على منبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فعزل الحجاج بن يوسف، عن الحجاز لكثرة الشكايات فيه، وأقره على العراق، قد أجمع المؤرخون على أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان سفاحا، وقد ترك وراءه بحرا من الدماء، ومنها دماء المتقين والصالحين من المسلمين، ولم يُعلم شيء أشد على الله من سفك دم المسلم، وقد قيل فيه الكثير من الأقوال، فقال الذهبي في الحجاج ” أنه قد أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين من الهجره وكان كهلا،أى رجل عجوز، وكان ظلوما جبارا ناصبيا خبيثا سافكا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن.

ويقول الذهبى قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله، فنسبه ولا نحبه بل نبغضه في الله فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء” وكان قول الجصاص في الحجاج “أنه لم يكن في العرب ولا آل مروان أظلم ولا أكفر ولا أفجر من عبدالملك ولم يكن في عماله أكفر ولا أظلم ولا أفجر من الحجاج وكان عبدالملك أول من قطع ألسنة الناس في الأمر بالمعروف”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى