مقال

الدكروري يكتب عن أعظم ما في الحياة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أعظم ما في الحياة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الأم أعظم ما في الوجود فإنها عيونا تذرف الحب بزكاته، جدها عبرة ومزحها نزهة، نخلة عذبة، وشجرة طيبة، ومخزن الودائع ومنبع الصنائع، فالأم نعم الجليس، وخير الأنيس، ونعم القرين في دار الغربة، ونعم الحنين في ساعة القربة، فقال تعالى ” وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا” وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك” رواه مسلم، وفي هذا عظم حق الأم على الوالد حيث جعل لها ثلاثة حقوق وذلك أنها صبرت على المشقة والتعب، ولاقت من الصعوبات في الحمل والوضع والفصال والرضاع، والحضانة والتربية الخاصة، ما لم يفعله الأب وجعل للأب.

 

حقا واحدا مقابل نفقته وتربيته وتعليمه وما يتصل بذلك، فإن لأمك حق لو علمت كثير، كثيرك يا هذا لديه يسير، فكم ليلة باتت بثقلك تشتكى لها من جواها أنآت وزفير، وفى الوضع لا تدري عليها، مشقة منها الفؤاد يطير، وكم غسلت عنك الأذى، وما حجرها إلا لديك سرير، وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها، حنانا وإشفاقا وأنت صغير، وتفديك مما تشتكيه بنفسها، ومن ثديها شرب لديك نمير، فضيعتها لما أسنّت جهالة، وطال عليك الأمر وهو قصير، فآها لذي عقل ويتبع الهوى، وآها لأعمي القلب وهو بصير، فدونك فارغب في عميم دعائها، فأنت لما تدعو إليه فقير، فاللهم وفقنا لطاعة امهاتنا وابائنا، فكم حزنت لتفرح، وجاعت لتشبع، وبكت لتضحك، وسهرت لتنام، وتحملت الصعاب في سبيل راحتك، إذا فرحت فرحت.

 

وإن حزنت حزن، إذا داهمك الهمّ فحياتها في غمّ، أملها أن تحيى سعيدا رضيا راضيا مرضيا، فإن الام المخلوق الضعيف الذى يعطى ولا يطلب أجرا، ويبذل ولا يأمل شكرا، هل سمعت عن مخلوق يحبك أكثر من ماله؟ لا، بل أكثر من دنياه، لا، بل أكثر من نفسه التي بين جنبيه، نعم يحبك أكثر من نفسه، إنها الأم، الأم وكفى، رمز الحنان، فإن البر دأب الصالحين وسيرة العارفين، فقد أراد ابن الحسن التميمي قتل عقرب فدخلت في جحر، فأدخلها أصابعه خلفها فلدغته، فقيل له في ذلك، قال”خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي وتلدغها” وقال محمد بن سيرين “بلغت النخلة على عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم، فعمد أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فاشتراها، فنقرها وأخرج جمّارها، فأطعمها أمه.

 

فقالوا له ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال إن أمي سألتني ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتها” وهذا هو عبد الله بن عون نادته أمه فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين، وزين العابدين كان أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة، فقيل له إنك أبرّ الناس ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة؟ فقال “أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها، ولقد مضى بين أيدينا أقوام لا يعلو أحدهم بيته وأمه أسفله” فإنها الجنة، يا طالب الجنة، الزم قدميها فثمّ الجنة، فقد روى الترمذ عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى