مقال

الدكروري يكتب عن ميلاد أبو الأسود الدؤلي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ميلاد أبو الأسود الدؤلي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر الإسلامية أنه قد اتفق العلماء على أن ميلاد أبو الأسود الدؤلى كان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن سنة الميلاد ظلت مجهولة بالنسبة لهم، ومن هؤلاء العلماء ابن كثير، والذهبى، والعسقلانى وقيل أنه وُلد الدؤلي في الجاهلية قبل الهجرة النبوية بستة عشر عاما، وقد أقرّوا أنه قام بتنقيط أواخر الكلمات في القرآن الكريم إثر ما حدث من فساد في الّلغة العربية الصحيحة، إذ اختار لهذا كاتبا ماهرا من بني عبد قيس، واتفق معه على نهج معين في الكتابة حتى وضع مقياسا معتمدا استنبطه من كلام العرب، وأكد الزبيدى هذا في كتابه طبقات النحويين واللغويين قائلا ” هو أول من أسس العربية ونهج سلبها، ووضع قياسها، وذلك حين اضطرب كلام العرب”

لذلك كان التنقيط الذي وضعه أبو الأسود الدؤلى المبني على وضع الحركات في موضعها الصحيح ذا أهمية بالغة، في معرفة المرفوعات بالضم، والمنصوبات بالفتح، والمجرورات بالكسر، ووسمها بالدلالات التي تميز كل واحد منها، كأن تكون المرفوعات للدلالة الفاعلية، والمُبتدئية، والخبرية وهكذا، والجدير بالذكر أن تلامذة أبو الأسود الدؤلى لم يقفوا على القواعد والضوابط الموجزة التي أوجدها معلمهم بل اعتبروها بذرة علم النحو وأضافوا عليها لتصبح أكثر نضجا وثراء، فهذا عبد الله بن أبي اسحق الحضرمي يكتب في الهمز ودلالته، أما عيسى بن عمر فقد ألف كتابي الجامع والكمال، فيما شرح سيبويه كتاب الجامع، وبسّطه وزاد عليه من كلام الخليل وغيره.

والجدير بالذكر أن الروايات التي تنسب الوضع الأولي لعلم النحو، تروي أن ألإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو أول من وضعه، وذلك يعود للروايات التي جاءت على لسان أبو الأسود الدؤلى نفسه، والتي رد فيها أساس هذا العلم لعلي بن أبي طالب، لا سيما عندما سُئل عن النحو ومن أين أتى به، فأجاب قائلا ” لفقت حدوده من علي بن أبي طالب رضي الله عنه” وكان أبو الأسود الدؤلى كلما صنف بابا في النحو عرضه عليه رضي الله عنه إلى أن وضع الضوابط العامة لعلم النحو، مما يدفع الباحث للقول بأن أبو الأسود الدؤلى كان له الفضل بإيجاز الدلالات المختلفة لكيفية نطق الكلام بشكل صحيح، وعلى صورة بسيطة للابتعاد عن اللحن الذي وجد في عهده.

ولحاجة الملوك في ذلك العهد لفهم النصوص القرآنية واستنباط الأحكام منها، ومن قصص اللحن التي دفعت الدؤلي لأن يفعل ما فعل ما حدث له مع ابنته التي أخطأت في التعبير حين قالت “ما أشدُ الحرّ” قاصدة التعجب، فصحح لها أبوها ذلك بقوله “ما أشدَّ الحرّ، بالإضافة إلى قصة الأعرابي الذي أخطأ في لفظ الآية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما سمع بذلك، أمر باقتصار قراءة القرآن الكريم على علماء اللغة، وكما تقول القصة فقد وكّل أمر وضع النحو إلى أبو الأسود الدؤلى حينها، وهذه كلها دوافع ليقدم أبو الأسود الدؤلى على إيجاد مفاتيح النحو الأولى، ليأتي تلامذته من بعده فيضيفوا ما أضافو على هذا العلم، للتخلص من الآفات التي طالت اللغة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى