مقال

الدكروري يكتب عن زيد النجاري الأنصاري

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن زيد النجاري الأنصاري
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

لقد كان الصحابي الجليل زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد النجاري، أنصاريا من المدينة، ودخل الإسلام مع أهله وباركه الرسول صلى الله عليه وسلم، بالدعاء، وقد أراد زيد الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم غزوة بدر، فرده صلى الله عليه وسلم، لصغر سنه وحجمه، وفي غزوة أحُد ذهب مع ستة فرسان الصغار ليستعرض عضلاته أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، طالبا منه أن يصطحبه معه، بالرجاء تارة وبالدمع تارة ولكن نظرا لبنيانه الضعيف وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكن له مكانا في الغزوة المقبلة، وبدأ زيد بن ثابت دوره كمقاتل في سبيل الله، ففي السنة الخامسة من الهجرة أثناء غزوة الخندق، كانت شخصيته المؤمنة تنمو نموا سريعا باهرا، فلم يكتف بالبراعة في القتال والجهاد.

بل كان مثقفا متابعا للقرآن الكريم ويحفظه ويكتب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم، ويتفوق في العلم والحكمة، وكان حين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم، بإبلاغ دعوته للعالم الخارجي وإرسال كتبه لملوك الأرض، كان صلى الله عليه وسلم، يأمر زيد بن ثابت أن يتعلم بعض اللغات وبالفعل كان يتقنها في وقت وجيز، فقد تعلم لغة اليهود في أربعة عشر يوما وتعلم اللغة السريانية في سبعة عشر يوما، وارتسمت على ملامحه الفطنة والذكاء وتبوء مكانة عالية في المجتمع، ولقد كان للصحابى الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه دور شديد الأهمية في جمع القرآن الكريم، فبعد استشهاد عدد من القراء في معركة اليمامة، فقد نشأت الحاجة لجمع القرآن وتدوينه حتى لا يُفقد، وبعد موافقة الخليفه الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

على فكرة جمع القرآن الكريم التي طرحها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد دعا الصحابى الجليل زيد بن ثابت، وطرح عليه الفكرة، وقال له إنك شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن، فاجمعه، واستعين بذوي الخبرة، وقد ذهب الصحابى الجليل زيد بن ثابت، للعمل الذي توقف عليه مصير الإسلام كله، وأبلى بلاء عظيما في إنجاز أشق المهام وأعظمها، فظل يجمع القرآن الكريم وآياته من صدور الحفاظ وفي مواطنها المكتوبة ويقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن الكريم مرتبا ومنسقا، وكان رضى الله عنه لمنزلته ومكانته الكبيرة بين الصحابة، كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما يستخلفانه على المدينة عندما يغيبان عنها.

وقد توفي الصحابى الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه سنة خمسة وأربعون من الهجرة النبوية الشريفة، فحزن الصحابة رضي الله عنهم والمسلمون لفقده، وعن سالم رضي الله عنه قال كنا مع ابن عمر رضي الله عنهما يوم مات زيد بن ثابت رضي الله عنه، فقلت ” مات عالم الناس اليوم ” فقال ابن عمر رضي الله عنهما “يرحمه الله، فقد كان عالم الناس في خلافة عمر وحبرها، فرقهم عمر في البلدان، ونهاهم أن يفتوا برأيهم، وحبس زيد بن ثابت بالمدينة، يفتي أهلها” ولما مات زيد رضي الله عنه قال أبو هريرة رضي الله عنه ” مات حبرُ الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلقا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى