القصة والأدب

الدكروري يكتب عن الفقه والاختلاف في الفروع

الدكروري يكتب عن الفقه والاختلاف في الفروع

الدكروري يكتب عن الفقه والاختلاف في الفروع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية أنه قد نشأ علم الكلام من الاختلاف في الأصول، ونشأ علم الفقه من الاختلاف في الفروع، وكان الاختلاف في الأصول في أربع مسائل كبرى، وهي أولا في الصفات والتوحيد، وثانيا في القضاء والقدر، وثالثا في الوعد والوعيد، ورابعا في النبوة والإمامة، وكما كان يتميز القرن السادس الهجري من الناحية الفكرية باتساع موضوع التفكير في العلوم الشرعية، وكذلك الحال في العلوم الأخرى، كالعلوم العقلية والطبيعية والاجتماعية، كما تتميز بكثرة الإنتاج في جميع تلك العلوم، وبنمو سلطة الفرق والمذاهب في ضم وتجنيد الناس في صفوفها، أما كثرة العلماء المناصرين للفرق والمذاهب فقد عمقت مجال الصراع الفكري وأعطته حماسا كبيرا.

 

ولم يكن الهدف عندهم إلا الانتصار على الخصم، ويتميز هذا القرن أيضا بوجود كثرة الزهاد والمتصوفة، وهذا يعني أن المسلمين صاروا يندفعون إلى البحث عن الخلاص الفردي لا الجماعي، اندفاعا جعل الحياة الاجتماعية مشلولة، وفتحوا بذلك بابا على مصراعيه أمام اليهود والنصارى، الذين تغلغلوا في وظائف الدولة، وشؤون الحياة المختلفة، وهذا من الأمور التي ساهمت في انتشار الأهواء والبدع، ويشعر الخلفاء والأمراء في بعض الأحيان بهذا التغلغل، فيأمرون بعزل اليهود والنصارى من دواوين الدولة، مثلما أمر الخليفة العباسي الناصر لدين الله أن لا يستخدم في الديوان يهودي أو نصراني، وأن لا يستعان بهم مهما كانت الحاجة ملحة مع العلم أن هذه الأوامر الناهية عن استخدام اليهود قليلة.

 

وتعد على الأصابع، وكان نتيجة لسوء الأحوال الاجتماعية سياسيا واقتصاديا مال الناس إلى التقليد ورفضوا الاجتهاد والتجديد، لأن أفهامهم صماء وعقولهم جدباء في بعض العهود كهذا العهد، وكان ذلك كله من علامات بداية الانحطاط، وأدى الصراع الفكري بدوره إلى إثارة فتن دموية في بعض الأحيان، مثل الفتنة التي نشبت بين العلويين الشيعة والشافعية في سنة خمسمائة وأربع وخمسين من الهجرة، بأستراباذ وفتنة أخرى سنة خمسمائة وستين من الهجرة، في أصفهان بسبب التعصب للمذاهب وهي فتنة قتل فيها كثير من الناس، وذلك إما محاكمة العلماء تعسفا وطردهم من البلاد، أو حملهم على الخروج منها، أو تحريض العامة عليهم، أو حرق كتبهم فلم يسلم منها إلا القليل.

 

ومنها على سبيل المثال لا الحصر، محاكمة الركن عبد السلام بن عبد الوهاب الكيلاني الذي كان حنبليا، عارفا بالمنطق والفلسفة، وقد اتهم بأقوال الفلاسفة، لذلك وقعت له محنة في عهد الوزير ابن يونس فأحرقت مكتبته في رحبة ببغداد، وخرجت مدرسة جده من يده ويد أبيه عبد الوهاب، وفوضت إلى أبي الفرج ابن الجوزي وأدخل السجن مدة ثم أفرج عنه سنة خمسمائة وتسع وثمانين من الهجرة، لما قبض على الوزير ابن يونس فرد إليه ما سلب منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى