مقال

دأب الصالحين وسيرة العارفين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن دأب الصالحين وسيرة العارفين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
عليكم بالتربية الصالحة، فإن من وسائل التربية الحسنة للأبناء هو الإكثار من الدعاء لهم بالهداية والصلاح كما دعا الخليل إبراهيم عليه السلام، قال ” رب هب لي من الصالحين” وعليك بالإكثار من الدعاء ولا تيئس، فروي عن معروف الكرخي أنه كان يدعو لابنه علي قائلا اللهم إني اجتهدت أن أؤدب عليّ، فلم أقدر على تأديبه، فأدبه أنت لي، واستجاب الله له حتى أصبح ابنه عابدا ورعا تقي، ويقول أحدهم كانت أمي تدعو لي حين تأمرني بالصلاة وتقول قم للصلاة ربي يكرمك، قم للصلاة ربي لا يحرمك حلاوتها، قم للصلاة ربنا يوفقك، فأحببت الصلاة، وكنت أنتظر الصلوات لأسمع دعوات أمي، فكبرت وهي ما زالت تدعو لي، ووجدت نفسي أُحب الصلاة، واحذر كل الحذر من الدعاء عليهم بحجة تخويفهم.

أو ردعهم عن الخطأ، أو تعزيرا لهم عند الوقوع في الخطأ، فإن البر دأب الصالحين وسيرة العارفين، فقد أراد ابن الحسن التميمي قتل عقرب فدخلت في جحر، فأدخلها أصابعه خلفها فلدغته، فقيل له في ذلك، قال”خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي وتلدغها” وقال محمد بن سيرين “بلغت النخلة على عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم، فعمد أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فاشتراها، فنقرها وأخرج جمّارها، فأطعمها أمه، فقالوا له ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال إن أمي سألتني ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتها” وهذا هو عبد الله بن عون نادته أمه فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين، وزين العابدين كان أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة.

فقيل له إنك أبرّ الناس ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة؟ فقال “أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها، ولقد مضى بين أيدينا أقوام لا يعلو أحدهم بيته وأمه أسفله” فإنها الجنة، يا طالب الجنة، الزم قدميها فثمّ الجنة، فقد روى الترمذ عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه” وﺭُﻭﻱ ﺃﻥ أعرابيا ﻗﺎﻝ للإمام ﻋلي بن أبي طالب رضي الله عنه ﻋﺪّد ﻟﻨﺎ ﺃﺧﻼﻕ ﺭﺳﻮﻝ الله صلى الله عليه وسلم، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ الإمامﻋﻠﻲ بن أبي طالب رضي الله عنه ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻌﺪّ ؟ ﻗﺎﻝ ﻧﻌﻢ ﻓﻘﺎﻝ علي رضي الله عنه “ﻋﺪ ﻟﻲ ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻻ ﻳُﻌد، ﻓﻘﺎﻝ الإمام ﻋﻠﻲ رضي الله عنه ﻋﺠﺰﺕ ﻋﻦ ﻋﺪ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ.

ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ الله تعالى في سورة النساء ” قل متاع الدنيا قليل” ﻭﻃﻠﺒت مني ﻋﺪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ، حيث ﻳﻘﻮﻝ تعالى في سورة القلم ” وإنك لعلي خلق عظيم” وإن من بر الوالدين بعد وفاتهما هو قضاء ما لزمهما من صيام رمضان، فقد يفطر أحد من الوالدين لعذر كالمرض، أو السفر، أو الحيض والنفاس بالنسبة للأم، فإن ماتا قبل قضاء ما عليهما من الصوم، صام عنهما وليهما من الأبناء أو الأقارب، فإن كان سبب الإفطار مرضا مزمنا أطعم الأبناء عنهما عن كل يوم مسكينا ومن بر الوالدين بعد وفاتهما هو التصدق عنهما بأي نوع من الصدقة، كالإطعام أو النقود أو اللباس أو غير ذلك مما يدفع للفقراء والمساكين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى