مقال

وقفة مع محاسبة النفس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وقفة مع محاسبة النفس
بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، ونصلي ونسلم ونبارك علي إمام الأنبياء والمتقين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم، مرِضت فلم تعدني أي لم تزرني، قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك، فلم تسقني، قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟

قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي ” رواه مسلم، وفي قوله ” يا ابن آدم مرضت فلم تعدني” أراد به مرض عبده، وإنما أضاف إلى نفسه تشريفا لذلك العبد، فنزّله منزلة ذاته سبحانه وتعالي، وفي قوله ” كيف أعودك ” أي المرض إنما يكون للمريض العاجز، وأنت القاهر القوي المالك لكل شيء، وفي قوله ” استطعمتك ” أي طلبت منك الطعام، وفي قوله ” كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟” أي كيف أطعمك وأنت تطعم جميع الخلائق، وأنت غني قوي على الإطلاق، وإنما العاجز يحتاج إلى الطعام والشراب والإنفاق، وفي قوله تعالي ” لوجدت ذلك عندي” أي لوجدت ثواب ذلك العمل الصالح عندي فالله تعالى لا يُضيع أجر المحسنين، وفي قوله تعالي ” استسقيتك ”

أي طلبت منك الماء، وكما روى الشيخان البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة، قال ” اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء” وإنه يجب علينا دائما دوام محاسبة النفس، فإن من حاسب نفسه عرف جناياتها، وسعى في فكاكها قبل يوم التغابن، فقد دخل الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه فوجد غلامه يعلف ناقة له، وإذا في علفها شيء فأخذ بأذنه فعركها، ثم ندم فقال للغلام قم فاقتص مني فأبى الغلام، فلم يزل به حتى قام فأخذ بأذنه ثم قال له “اعرك اعرك” ويقول “شد شد” حتى عرف عثمان أنه بلغ منه ثم قال ” واها لقصاص الدنيا قبل قصاص الآخرة”

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” ترفع للرجل صحيفة يوم القيامة، حتى يرى أنه ناج، فما تزال مظالم بني آدم تتبعه حتى ما تبقى له حسنة، ويزاد عليه من سيئاتهم ” وهم أناس ظلمهم في الدنيا من بني آدم، ولم يقل “مسلمون” أو “صالحون” وإنما في الحديث مظالم بني آدم، أي ولو كانوا حتى كافرين، فإذا بهم يطالبون برد المظالم التي ظلموهم إياها، فرجل يقول يارب أنصفني من هذا فقد شتمني، وآخر يقول يارب رد علي مظلمتي فقد اغتابني، وآخر يقول يارب أخذ مني مالا بغير وجه حق، وأخت تقول يا رب منعني ميراثي، وولد يقول يا رب لم يعلمني ديني، وآخر يقول رب ضربني وهكذا الكثير والكثير.

وإذا بمنادي يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قَرب أَنا الملك، أَنا الديان لا ينبغي لأحد من أَهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أَهل النار يطلبه بمظلمة، ولا ينبغي لأحد من أَهل النار أن يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة، قال قلنا كيف هذا وإنما نأتي غرلا بُهما؟ قال بالحسنات والسيئات ” رواه الألباني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى