مقال

الولاية والمسؤولية في الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الولاية والمسؤولية في الإسلام
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، أما بعد فإن المسؤولية في الإسلام واجب شرعي وأخلاقي يجب على كل من تحمل شيئا منها أن يقوم بها خير قيام براءة لذمته وحتى لا يكون ظالما لطرف أخر أو للمجتمع أو للأمة بتقصيره في ذلك، والمسؤولية ليست كرة يلقيها اللاعبون إنما هي أمانة يتحملها الأشداء من الرجال والنساء على السواء، إنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة إلا من قام بحقها، فقد جاء أبو ذر الغفاري إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، ليطلب من الرسول أن يساعده ليتولي ولي على إحدي الولايات، وكان أبو ذر الغفاري ينقصه بعض الشروط المطلوبة في تولي منصب الولاية، فرفض الرسول صلي الله عليه وسلم طلبه.

ورد عليه الرسول “يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها” رواه مسلم، وإذا نظرنا إلى أحوال السابقين من أمتنا نجد أنهم أعطوا هذا الأمر ما يستحقه من العناية، بحيث نشأ أبناؤهم نشأة سوية تحملوا المشاق والصعاب دون كلل أو ملل، وبذلوا لهذا الدين ولرفعة الأمة دون منّ فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي أسامة بن زيد على يديه، ثم في سن السابعة عشرة يكلفه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة جيش فيه أبو بكر وعمر، وينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه وينفذ أبو بكر بعث أسامة فيتحمل المسؤولية ويمضي في مهمته ويعود منها محققا الغاية التي من أجلها أرسل الجيش وتعجب حين تعلم.

أن الصحابة كانوا يقولون بعد ذلك ما رأينا أسلم من بعث أسامة ذلك أن الله تعالى قد حفظ أفراد الجيش حتى رجعوا سالمين، واما عن الولاية فإنك تجد كثير من الناس في اعتقادهم الولاية في شخص أنه قد صدر عنه مكاشفة في بعض الأمور أو بعض الخوارق للعادة، مثل أن يشير إلى شخص فيموت، أو يطير في الهواء إلى مكة أو غيرها أحيانا، أو يمشي على الماء، أو يملأ إبريقا من الهواء، أو يخبر في بعض الأوقات بشيء من الغيب، أو يختفي أحيانا عن أعين الناس، أو يخبر بعض الناس بما سرق له أو بحال غائب أو مريض، أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاء فقضى حاجته أو نحو ذلك، وليس في شيء من هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها مسلم فضلا عن أن يكون وليا لله تعالي.

بل قد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء ومشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر متابعته لرسول الله صلي الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونهيه، ومثل هذه الأمور قد يكون صاحبها وليا لله، وقد يكون عدوا له، فإنها قد تكون لكثير من الكفار والمشركين واليهود والنصارى والمنافقين وأهل البدع، وتكون لهؤلاء من قبل الشياطين، أو تكون استدراجا، فلا يجوز أن يظن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور فهو ولي لله، بل يعرف أولياء الله بصفاتهم وأحوالهم وأفعالهم التي دل عليها الكتاب والسنة، وأكثر هذه الأمور قد توجد في أشخاص يكون أحدهم لا يتوضأ ولا يصلي المكتوبة، ولا يتنظف ولا يتطهر الطهارة الشرعية، بل يكون مُلابسا للنجاسات، معاشرا للكلاب، يأوي إلى المزابل.

رائحته خبيثة، ركّابا للفواحش، يمشي في الأسواق كاشفا لعورته، غامزا للشرع مستهزئا به وبحملته، يأكل العقارب والخبائث التي تحبها الشياطين، كافرا بالله، ساجدا لغير الله من القبور وغيرها، يكره سماع القرآن وينفر منه، ويؤثر سماع الأغاني والأشعار ومزامير الشيطان على كلام الرحمن، فلو جرى على يدي شخص من الخوارق ماذا عساه أن يجري فلا يكون وليا لله محبوبا عنده حتى يكون متبعا لرسوله الكريم محمد صلي الله عليه وسلم باطنا وظاهرا “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى