مقال

البيان والإظهار

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن البيان والإظهار
بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم الذي جاءه أعرابي فقال في التشهد الله ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فقال له صلى الله عليه وسلم ” لقد حجرت واسعا” أي أنه ضيّق رحمة الله التي وسعت كل شيء، ثم قام الأعرابي فبال في طرف المسجد، فأراد الصحابة ضرب الأعرابي، فمنعهم صلى الله عليه وسلم ودعا بدلو من ماء فصبّه على بول الأعرابي، ثم دعا الأعرابي برفق ولين وحسن خلق فقال ” إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، وإنما هي للصلاة والذكر وقراءة القرآن” فذهب هذا الأعرابي الى قومه لما رأى منا لرفق واللين، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا، وكما كان صلى الله عليه وسلم مربيا كملت مناقب المربي فيه، فهو رفيق في تعليمه.

ويقول صلى الله عليه وسلم ” إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف” ويقول صلى الله عليه وسلم ” ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه” وكان صلى الله عليه وسلم يصل الى قلوب الناس بألين السبل فهو صلى الله عليه وسلم أعظم من تمثل خلق القرآن، فتجده القريب من النفوس، الحبيب الى القلوب، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد، فإن شهادة الزور، هو مركب إضافي يتكون من كلمتين، هما الشهادة، والزور، أما الشهادة في اللغة، فمن معانيها البيان، والإظهار، والحضور، ومستندها المشاهدة، إما بالبصر، أو بالبصيرة، وأما الزور، فهو الكذب والباطل، وقيل هو شهادة الباطل، ويقال رجل زور، وقوم زور،أى، مُموه بكذب.

وشهادة الزور عن الفقهاء هى الشهادة بالكذب، ليتوصل بها إلى الباطل، من إتلاف نفس، أو أَخذ مال، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال، وأما عن الفرق بين قول الزور وشهادة الزور، فإن قول الزور أعم، وشهادة الزور أخص، والله عز وجل قال كما جاء فى سورة الحج ” فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور” فقول الزور يشمل الشهادة وغير الشهادة وهو الكذب، ولقد حفل القرآن الكريم بالعديد من الآيات الكريمة التي تؤسس لمكارم الأخلاق، والقيم الراقية ، بل إن هناك سورا كاملة جاءت مؤسسة لمجتمع إنساني راقى، كسورة الحجرات التي أرست مجموعة من القيم والأخلاق، منها التبين والتثبت في الأمور كلها ، وخاصة إذا كان هذا الأمر يتعلق بشئون الناس، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى.

“يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” فالإسلام يبني كل شيء على اليقين، فهذا نبى الله سليمان عليه السلام حينما جاءه الهدهد بخبر الذين يعبدون الشمس من دون الله، ووصفه بالنبأ اليقين، لم يأخذ كلامه مُسلما وإنما تثبت، وتبين كما حكى القرآن ذلك على لسانه، فقال الله تعالى ” قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين” ويقول النبى صلى الله عليه وسلم ” كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع” وقال النووى رحمه الله، فإنه سمع فى العاده الصدق والكذب، فإذا حدث بكل ما يسمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن، ولما دخل رجل على الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وذكر له عن رجل شيئا، قال له إن شئت نظرنا في أمرك.

فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية ” إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا” وإن كنت صادقا، فأنت من أهل هذه الآية “هماز مشاء بنميم” وإن شئت عفونا عنك، فقال العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى