دين ودنيا

الدكروري يكتب عن رسالة الإسلام في تحقيق السلام

الدكروري يكتب عن رسالة الإسلام في تحقيق السلام

الدكروري يكتب عن رسالة الإسلام في تحقيق السلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وهو الذي سأله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل عقبة بن عامر عن النجاة ما هي؟ فلا يتلعثم ولا يتعثر ولا يفكر، إنما ينطلق فمه الشريف بجملة راشدة واعية موحية فيقول صلى الله عليه وسلم ” كفّ عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك” فانظر لحسن التقسيم الثلاثي البديع، مع استيفاء المعنى واختصار اللفظ دون تحضير سابق ولا إعداد متقدم لأن السائل منتظر يريد الجواب، ويبتغي النصح.

وكما يريد صلى الله عليه وسلم أن يوصي معاذ بن جبل وصية جامعة مانعة شافية كافية، فيأتي بعبارة موجزة مليئة بالفوائد، حافلة بالشوارد، بديعة المنزع، مشرقة الديباجة، فيقول صلى الله عليه وسلم ” اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” ولو أن بليغا أراد أن يقول مثلها لأسهب في الوصية وأطال في النصح، فإما أن يجعل المعنى على حساب اللفظ فيبسط القول ويختزل المعنى، أو أن يجعل اللفظ على حساب المعنى فيوجز الحديث ويشير الى المعنى إشارة، فإن سيرة النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم سيرة عظيمة في جميع الجوانب وإنه ما من أحد من العظماء إلا وله نواحي يحرص على سترها، وعلى كتمان أمرها، ويخشى أن يطلع الناس على خبرها، نواحي تتعلق بشهوته أو ترتبط بأسرته، أو تدل على ضعفه.

وأما محمد هذا النبي العظيم هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه فقد كشف حياته للناس جميعا، فكانت كتابا مفتوحا ليس فيه صفحة مطبقة، ولا سطر مطموسا، يقرأ فيه من شاء ما شاء، أذن لأصحابه أن يذيع عنه ما يكون منه، وأن يبلغوه، فرأوا كل ما رأوا في ساعات الصفاء، وفي ساعات الضعف البشري، وفي ساعات الغضب، وفي ساعات الرغبة والانفعال، وفي جميع الأحوال، روى الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كله، وروى نساؤه كل ما كان بينه وبينهن، أزواجه أمهات المؤمنين روين عنه أموره الخاصة في بيته لأن فعله كله دين وشريعة، وروى عنه أصحابه كل شيء حتى نقلوا للأمة، وصف اضطراب لحيته في الصلاة، ورووا ما يكون في حالات الضرورة البشرية، فعرفنا كيف يأكل؟ وكيف يلبس؟ وكيف ينام؟ وكيف يقضي حاجته؟

وكيف يتنظف من آثارها؟ وكيف يغتسل؟ إلى غير ذلك من الأمور الخاصة، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد فإن الله عز وجل عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضا، وإنما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضا، فالإسلام يدعو الى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممن يعيشون على هذه الارض، ويكشف لنا التاريخ أن جميع الحضارات كانت تواقة من أجل تحقيق السلام العالمي، وإن السلام هو حماية للعقل والوجدان فهو بعد ذلك كله يحترم العقل الإنساني، ويقدر الفكر البشري، ويجعل العقل والفكر وسيلتين من وسائل التفاهم والإقناع فهو لا يرغم أحدا على عقيدة معينة، ولا يكره إنسانا على نظرية خاصة بالكون أو الطبيعة أو الإنسان، وحتى في قضايا الدين يقرر أنه “لا إكراه في الدين”

وأن وسيلته هي استعمال العقل والفكر والنظر فيما خلق الله من أشياء فيقول الله تعالى “لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي ” ويقول تعالى ” ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ” ويقول تعالى ” وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله، ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون” ويقول تعالى “قل انظروا ماذا في السموات والأرض، وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون” ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن وظيفته إلا أنه مبلغ عن الله وداعية إليه، فيقول الله تعالى ” يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى