دين ودنيا

الدكروري يكتب عن مقام العفو والصفح عند الله

الدكروري يكتب عن مقام العفو والصفح عند الله

الدكروري يكتب عن مقام العفو والصفح عند الله
بقلم / محمــــد الدكـــروري

الحمد لله الذي بعث في الناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمدك يا رب على أن اخترت الرسول الكريم ليكون نورا للعالمين، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان ضياء للسالكين، وقدوة للناس أجمعين، الذي قال صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ” فإن الناظر في سيرة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم يجد أنه كان يحسن معاشرة ومعاملة أهله، ويُوليهم عناية فائقة ومحبة لائقة، فكان صلى الله عليه وسلم مع زوجاته حنونا ودودا، تجلّت فيه العواطف في أرقى معانيها، والمشاعر في أسمى مظاهرها، فكان يُكرم ولا يهين، يُوجّه وينصح، ولا يعنّف ويجرح، وروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال.

” ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله” رواه مسلم، بل وجعل صلى الله عليه وسلم حسن معاملة وعشرة الزوجة معيارا من معايير خيرية الرجال، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” رواه الترمذي، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فإن الواجب على المؤمن أن يتقي ربه، وأن يكون غضبه دفعا للأذى في الدين له، أو لغيره، وانتقاما، وكانت هذه حال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه كان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء ولم يضرب بيده خادما ولا امرأة إلا أن يجاهد في سبيل الله.

ولقد خدمة أنس بن مالك رضي الله عنه عشر سنين، فما قال له أف قط، ولا قال له لشيء فعله لم فعلت كذا؟ ولا لشيء لم يفعله ألا فعلت كذا؟ وهذا أبو مسعود البدري رضي الله عنه، قال كنت أضرب غلاما لي بالسوط، فسمعت صوتا من خلفي يقول “اعلم أبا مسعود” فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني، إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول “اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود” قال فألقيت السوط من يدي، فقال “اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام” قال فقلت لا أضرب مملوكا بعده أبدا” رواه مسلم، وإن العفو والصفح باب عظيم من أبواب الإحسان، وهو باب عظيم من أبواب نيل الرحمة والغفران وهو باب لنيل عظيم الأجور وجزيل الثواب وأهل العفو هم الأقرب لتحقيق تقوى الله عز وجل.

وإن العفو والصفح مقام عظيم ومنزلة رفيعة وهو صفة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصفة أتباعه بإحسان، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله إذا جاءك شخص يشكو آخر فقل له اعفو عنه، فإن العفو أقرب لتقوى الله جل وعلا، فإن قال لك إن قلبي لا يحتمل العفو عنه ولكن أريد أن أنتصر منه كما أمر الله، فقل له إن كنت تحسن أن تنتصر، أي كما أمر الله، وإلا فعليك بالعفو فإنه باب واسع، وهذا تنبيه جليل لأن كثير من الناس في مقام الانتقام ممن أساء إليه لا يقتصر على سيئة مثل السيئة التي نيل منه بها، بل يتجاوز ويتعدى ويظلم وحقيقة كظم الغيظ هي حبسه ورده في الجوف، مع القدرة على الإيقاع بالمعتدي، فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “ومن كظم غيظا، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى