مقال

الإيمان ودوائر الإسلام

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن الإيمان ودوائر الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الذي كان في كتابه صلي الله عليه وسلم لأهل نجران النصاري هو قوله صلى الله عليه وسلم ” بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي للأسقف أبي الحارث وأساقفة نجران وكهنتهم ورهبانهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل وكثير جوار الله ورسوله، لا يغير أسقف من أسقفته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم، ولا ما كانوا عليه من ذلك جوار الله ورسوله أبدا ما أصلحوا ونصحوا عليهم غير مبتلين بظلم ولا ظالمين، وكتب المغيرة بن شعبة” وكان صلى الله عليه وسلم يعامل مخالفيه من غير المسلمين في البيع والشراء والأخذ والعطاء فلا يخونهم ولا يخدعهم ولا يغشهم.

فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين” يعني صاعا من شعير، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بصلة القريب وإن كان غير مسلم رحمة بهذه الصلة من أن تتقطع فعن السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قدمت علي أمي، وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال ” نعم، صلي أمك ” رواه البخاري، أما بعد فإن الإيمان أخص وأضيق دائرة من الإسلام، وإذا أردنا التعمق في فهم المراتب السابقة، فإننا نجد أن الإسلام هو التعبد لله سبحانه وتعالى بما شرع، والاستسلام له بطاعته ظاهرا وباطنا، وهو الدين الذي امتن الله به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته.

وجعله دين البشرية كلها إلى قيام الساعة، ولا يقبل من أحد سواه، وللإسلام أركان ستة كما جاء في الحديث، أولها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وفي الجمع بينهما في ركن واحد إشارة لطيفة إلى أن العبادة لا تتم ولا تقبل إلا بأمرين الإخلاص لله تعالى، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء في قوله تعالى “فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا” سورة الكهف، والملاحظ هنا أن الحديث فسّر الإسلام هنا بالأعمال الظاهرة، وذلك لأن الإسلام والإيمان قد اجتمعا في سياق واحد، وحينئذ يفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة كما أشرنا، ويفسر الإيمان بالأعمال الباطنة من الاعتقادات وأعمال القلوب، أما الإيمان فيتضمن أمورا ثلاثة الإقرار بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح والأركان.

فالإقرار بالقلب معناه أن يصدق بقلبه كل ما ورد عن الله تعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم من الشرع الحكيم، ويسلم به ويذعن له، ولذلك امتدح الله المؤمنين ووصفهم بقوله “إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا” من سورة الحجرات، ويقابل ذلك النفاق، فالمنافقون مسلمون في الظاهر، يأتون بشعائر الدين مع المسلمين، لكنهم يبطنون الكفر والبغض للدين، والمقصود بالنطق باللسان هو النطق بالشهادتين، ولا يكفي مجرد الاعتراف بوجود الله، والإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم دون أن يتلفظ بالشهادتين بدليل أن المشركين كانوا يقرون بأن الله هو الخالق الرازق المدبر، وكما قال عزوجل “قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله” سورة يونس،

ولكنهم امتنعوا عن قول كلمة التوحيد، واستكبروا “إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون” من سورة الصافات، وها هو أبوطالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقر بنبوة ابن أخيه ويدافع عنه وينصره، فلم ينفعه ذلك ولم يخرجه من النار، لأنه لم يقبل أن يقول كلمة الإيمان ومفتاح الجنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى