مقال

مكانة الأخلاق في الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مكانة الأخلاق في الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده وعلى آله وصحبه وجنده، أما بعد فإن سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأحاديثه عامرة بصور ومواقف كثيرة تبين رحمته بالكافرين، ومنها رحمته بكفار قريش سلما وحربا، فعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلوات الله وسلامه عليه ضرب المثل الأعلى في الرحمة بهم رغم كفرهم وإيذائهم له، وليس أدل على ذلك من قصة ثقيف، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ” يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي.

فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب وهو ميقات أهل نجد، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، ولقد أرسل إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال وسلم عليّ، ثم قال يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملَك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟ إن شئتَ أن أُطبق عليهم الأخشبين وهما الجبلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا” رواه البخاري، وكما تجلت رحمته صلى الله عليه وسلم بهم في يوم فتح مكة، وتمكين الله تعالى له، حينما أعلنها صريحة واضحة ” اليوم يوم المرحمة ” وإن الأخلاق في الإسلام ليست لونا من الترف يمكن الاستغناء عنه عند اختلاف البيئة.

وليست ثوبا يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى يشاء، بل إنها ثوابت شأنها شأن الأفلاك والمدارات التي تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير الزمان لأنها الفطرة السليمة التي فطر الله عز وجل الناس عليها، فيقول تعالي في سورة الروم ” فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله” وإن من الأخلاقيات التي حث عليها الإسلام هو إن الأخلاق تقويم لاعوجاج الإنسان وسلوكه، فقد جاء الإسلام وحث على جملة من الأخلاق العظيمة إذ تحلى بها الفرد فإنه ينعم بالعزة والاستقرار والأنفة ومن هذه الأخلاق هو الصدق حيث يتطلب فيه أن يكون الإنسان صادقا مع الله ومع الناس بحيث يكون ظاهره كباطنه، وهوالالتزام بالعهد، ويجب علينا أن نعلم ان من أفضل الأخلاق وأجملها هو الإيثار وستر العيوب وإبداء المعروف والتبسم عند اللقاء، والإصغاء عند الحديث.

والإفساح للآخرين في المجالس، ونشر السلام وإفشاؤه ومصافحة الرجال عند اللقاء والمكافأة على الإحسان بأحسن منه، وإبرار قسم المسلم والإعراض عما لا يعني وعن جهل الجاهل بحلم وحكمة، وهكذا كل تصرف طيب يجعل كبير المسلمين عندك أبا، وصغيرهم ابنا، وأوسطهم أخا، وإن من حسن الخلق تهذيب الألفاظ وحسن المعاشرة ولطف المعشر والبعد عن السفه ومجانبة ما لا يليق ولا يجمل ولا يسمع لصاحبه في المجالس عيبة ولا تحفظ له زلة ولا سقطة، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما “القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة” وإن ذو الأخلاق الفاضلة تجده وقورا رزينا، ذا سكينة وتؤدة، عفيفا نزيها، لا جافيا ولا لعانا، لا صخّابا ولا صياحا، لا عجولا ولا فاحشا، يقابل تصرفات الناس نحوه بما هو أحسن وأفضل وأقرب منها إلى البر والتقوى، وأشبه بما يُحمد ويرضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى