مقال

قد جاءكم بالبينات من ربكم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قد جاءكم بالبينات من ربكم
بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين لقد حدثت السيدة آمنة بنت وهب أنها أُتيت وهي حامل بمحمد صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع إلى الأرض فسميه محمدا، فإن أسمه في التوراة محمد، وأسمه في الإنجيل أحمد، يحمده أهل السماء والأرض، وأسمه في القرآن محمد فسمته بذلك ثم جاءت به إلى عبدالمطلب فقالت ولدت الليلة غلاما، فانظر إليه فلما جاءها أخبرته وحدثته بما كانت رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أُمرت أن تسميه، فأخذه عبدالمطلب وأدخله البيت يطوف به حول الكعبة ثم قام يدعو ويشكر الله عز وجل، ولما كان يوم السابع للنبي صلى الله عليه وسلم ذبح عنه جده عبدالمطلب ودعا له قريشا فلما أكلوا.

قالوا يا عبدالمطلب أرأيت أبنك هذا الذي كرمتنا على وجهه، ما سميته ؟ قال سميته محمدا، قالوا فلم رغبت به عن أسماء آل بيته ؟ قال أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض، قال بعض أهل العلم ألهمهم الله عز وجل أن سموه محمدا لما فيه من الصفات الحميدة، ليلتقي الاسم والفعل ويتطابق الاسم والمسمى في الصورة والمعنى كما قال عمه أبو طالب، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد يصور لنا الله سبحانه وتعالى مشهد من مشاهد الظلم والكفر والطغيان من العبد الظالم إلي صاحب الحق، فيقول كما جاء فى سورة غافر ” إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد” فما أظلم هؤلاء الطغاة؟ وما أجهلهم بالحق؟

وما أضرهم على أنفسهم وعلى من تحت أيديهم؟ فلماذا قَتل الدعاة المصلحين بغير حق؟ ولماذا ترويعهم ومطاردتهم؟ ويقول الله تعالى كما جاء فى سورة غافر ” أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب” ومما سبق يتبين أن أكثر الناس للحق كارهون، لأنه يسلبهم القيم الباطلة التي بها يعيشون، ويصدم أهواءهم المتأصلة التي بها يعتزون، والحق لا يمكن أن يدور مع الهوى، وبالحق قامت السموات والأرض، فالحق واحد ثابت، والأهواء كثيرة متقلبة وبالحق الواحد يدبر الله الكون كله فلا ينحرف ناموسه لهوى عارض، ولا تتخلف سنته لرغبة طارئة، ولو خضع الكون للأهواء العارضة والرغبات الطارئة لفسد كله.

ولفسد الناس معه، ولفسدت القيم والأوضاع، واختلت الموازين وتأرجحت كلها بين الغضب والرضا، والكره والحب، والرغبة والرهبة، وسائر ما يعرض من الأهواء بالانفعالات, فقال تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون ” ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون” ولقد عاش الناس قبل شروق شمس الرسالة المحمدية فترة من الزمن فى دياجي حالكة، وسلكوا مسالك للحق غير سالكة، فعبدوا الشجر والحجر، والصنم والبشر، والنجوم والنار والهوى، فمقتهم الله جميعا عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب الباقين على الحق، ومع هذا الانحدار الروحي كانوا يعيشون حياة سياسية ذليلة مضطربة، وحياة اقتصادية منهارة، وحياة اجتماعية متفككة، حتى أذن الله ببزوغ الحق من غار حراء فبعث الله رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة، مِنة عظيمة، وعطية كريمة من المنان الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى