مقال

مقاومة أم إرهاب

جريدة الاضواء

مقاومة أم إرهاب

بقلم د/ مصطفى النجار

يعمل المحتل دائما على تغيير صورته القبيحة فى ذهن الشعوب المقهورة، كسبيل للترويض تجنبا للمقاومة، ليتمكن من استعبادهم ونهب ثروات وهم وقوف ينظرون، دون أن يحركوا ساكنا فى مواجهته، أو أن يحاولوا انتزاع أرضهم المسلوبة وثرواتهم المنهوبة وكرامتهم التى يدوسها بأقدامه ليل نهار.
ويعتمد المحتل الآثم فى تقويضه للمقاومة على رسم صورة مزيفة له، فيخلع على نفسه من الأسماء ما لا يعبر عن حقيقته الخبيثة، ويصف ذاته بصفات هى تماما عكس ما هو عليه ، فيسمى نفسه استعمارا بدلا من احتلال، على أساس أنه جاء للعمران والتطوير وليس للخراب والتدمير، فضلا عن سرقة الأرض والخيرات وقتل الأبرياء، وعلى الجانب الأخر يخلع على المقاومين البواسل من الصفات ما هم على النقيض منه تماما، أولئك الأطهار الذين قرروا بذل نفوسهم لتحرير الأوطان.

لقد أطلق الغرب على احتلاله للعالم العربى استعمارا، فى الوقت الذى كان يقتل فيه المحتل الفرنسى الشعب الجزائرى والسورى الأبى، وتنهب فية بريطانيا خيرات مصر والعراق، وتسحق دبابات الإيطاليين الأبرياء فى ليبيا، وما فعلوه فى غير ذلك من الشعوب والبلاد أدهى وأمر، بالله عليكم هل هذا استعمار، أم قتل ونهب وسرقة وخراب.

ولم يكتفى الغرب المحتل بالتضليل والتزييف فى هذا الجانب، بل على الجانب الآخر، أطلق الإيطاليين على شيخ المجاهدين عمر المختار فى ليبيا المتمرد، وسمى الانجليز البطل أحمد عرابى بالمشاغب، بل كانوا يصفون المقاومين الشرفاء من الشعب المصرى آنذاك بالمخربين، يا الله ، تكاد السماوات يتفطرن من كذبهم، وتخر الجبال هدا من إفكهم.

وما أشبه الليلة بالبارحة، حين يصف الغرب والكيان المحتل أنفسهم بالحضارة، ويحاولوا بائسين أن يلبسوا المقاومة فى فلسطين ثوب الإرهاب والتخريب، فيأتى غربى مأفون للكيان الغاصب، وينبطح فى المطار خوفا من القصف، يصرح أنه “جاء يدعم الحضارة ضد الوحشية ” ويقصد بالحضارة طبعا الكيان الوحشى البربرى، الذى قصف مستشفى المعمدانى والكنيسة الأرثوذكسية فى غزة، وهدم المساجد والبيوت على المدنيين المسالمين من الأطفال والنساء والشيوح دون سابق إنذار، هل هذه هى الحضارة التى جئت لدعمها، يال الوقاحة، أعمى الله قلوبكم وأبصاركم، وفرق جمعكم، وخيب سعيكم.

ينعت ذلك المسؤول الهمام المقاومة الفلسطينية بالوحشية، فهل كان تحرير الحلفاء لباريس من الألمان فى الحرب العالمية لونا من الوحشية والإرهاب، أيها العبقرى الغربى، أم أن كفاح الأوكران لتحرير أرضهم من الروس حاليا وحشية وإرهاب، لقد مجدتم مقاومة الأوكران فى ذات الوقت الذى تلبسون فيه مقاومة الفلسطينيين رداء الوحشية والإرهاب، ألا لعنة الله على المنافقين.

لقد اعترفت الأمم المتحدة بحق الشعب الفلسطينى فى استعادة حقوقة بكل الوسائل، طبقا لقرارها رقم 3236، بتاريخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاتي 1974، والذي ينص على أن الأمم المتحدة “تعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه (…) وتناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تمد بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه، وفقاً للميثاق”.
كما أكدت الجمعية العامة على شرعية المقاومة المسلحة الفلسطينية، وربطتها وقتها بما كانت تعيشه ناميبيا وجنوب إفريقيا من أنظمة فصل عنصري.

كما أكدت الأمم المتحدة أيضاً في قرارها بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 1986، والذي ينص “على شرعية كفاح الشعوب من أجل استقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، والتحرر من السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح”.

يضاف لذلك، اتفاقية لاهاي والتي تنص في مادتها الـ 25 على “حظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والأماكن السكنية أو المباني المجردة من وسائل الدفاع أيا كانت الوسيلة المستعملة “، كما يؤكد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية “يشكل جريمة حرب”
وطبقا لكل ما سبق من قرارات الأمم المتحدة واتفاقية لاهاى والمحكمة الجنائية الدولية، فإن ما تمارسة إسر-ائيل جريمة حرب وإرهاب.

ووفقا كذلك لقرارات الأمم المتحدة واتفاقية لاهاى والمحكمة الجنائية الدولية، فإن ما تقوم به المقاومة فى فلسطين حق مشروع كفلته التشريعات والمواثيق الدولية، وكفلته قبل ذلك الشرائع السماوية، “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير* الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّه ُوَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ” صدق الله العظيم.

اللهم وحد على الحق أمتنا، وارفع للعلا رايتنا، وانصرنا ولا تنصر علينا، ومكن لنا ولا تمكن منا، يا ذا القوة يا الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى