مقال

العداوة في الظاهر والباطن

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العداوة في الظاهر والباطن
بقلم / محمــــد الدكـــروري
الأربعاء الموافق 25 أكتوبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، الذي كان من حبه صلي الله عليه وسلم لزوجاته هو قبول وتقدير غيرتهن، فكان النبى صلي الله عليه وسلم قد استضاف مرة بعض أصحابه فى بيت السيدة عائشة رضي الله عنها فأبطأت عليه فى إعداد الطعام، فأرسلت زوجته أم سلمة طعاما فدخلت السيدة عائشة رضي الله عنها لتضع الطعام الذى أعددته فوجدتهم يأكلون، فغارت وغضبت وأحضرت حجرا ناعما صلبا ففلقت به الصحفة التى أرسلتها أم سلمه، فجمع النبى صلي الله عليه وسلم بين فلقتى الصحفة، وقال لأصحابه “كلوا، كلوا، غارت أمكم، غارت أمكم” وهو يضحك، ثم أخذ الرسول صلي الله عليه وسلم صحفة السيدة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة.

وأعطى صحفة أم سلمة لعائشة رضي الله عنها، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كانت السيدة صفية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر، وكان ذلك يومها فأبطأت فى المسير فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تبكي، وتقول “حملتنى على بعير بطىء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح بيديه عينيها ويسكتها” ومسح دمعتها بيده ليعبر لها عن مدى اهتمامه ومحبته لها، ولم يتوقف الرسول صلي الله عليه وسلم عن مداعبة السيدة عائشة رضي الله عنها حتى وفاته وكان يقول لها ” تعالى أسابقك” فسابقته، لتسبقه على رجلها، وكانت معه فى سفر، فقال لأصحابه ” تقدموا” ثم قال صلي الله عليه وسلم “تعالى أسابقك” ونسيت الذى كان، وقد حملت اللحم، فقلت كيف أسابقك يا رسول الله، وأنا على هذه الحال؟

فقال “لتفعلن” فسابقته، فسبقنى، فقال صلي الله عليه وسلم “هذه بتلك السبقة” ولم ينسي النبى صلي الله عليه وسلم ممازحة زوجاته، حسب رواية للسيدة عائشة رضي الله عنها حينما دعاها النبى صلي الله عليه وسلم لتشاهد كيف يرقص أهل الحبشة بالحراب فى المسجد، فتقول إن النبى صلي الله عليه وسلم سمع لغطا وصوت صبيان، فقام فإذا قوم من الحبشة يرقصون، والصبيان حولها فقال صلي الله عليه وسلم “يا عائشة، تعالى فانظرى” فجاءت السيدة عائشة ووضعت ذقنها على كتف الرسول صلي الله عليه وسلم وأخذت تشاهد من ما بين المنكب إلى رأسه، فقال صلي الله عليه وسلم لها “أما شبعت، وأما شبعت؟” قالت فجعلت أقول لا، لأنظر منزلتى عنده” وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال.

” دب إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم؟ أفشوا السلام بينكم” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى حديثه هذا، دب، أي نقل وسرى ومشى بخفيه إليكم داء الأمم قبلكم، والحسد أي في الباطن، والبغضاء أي العداوة في الظاهر، وسميا داء لأنهما داء القلب وهي البغضاء، وهو أقرب مبنى ومعنى، أو كل واحدة منهما، ومعنى الحالقة، أي القاطعة للمحبة والألفة والصلة والجمعية، وإن الخصلة الأولى وهى الحسد هي المؤدية إلى الثانية، وهى البغضاء، ولذا قدّمت، فيقول صلى الله عليه وسلم لا أقول تحلق الشعر، أي تقطع ظاهر البدن، فإنه أمر سهل، ولكن تحلق الدين، وإن الحسد ضرره عظيم في الدنيا والآخرة، وهكذا فإن البغضاء تذهب بالدين كالموس مع الحلاق التى تذهب بالشعر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى