مقال

الإعتبار والتفكر والتدبر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإعتبار والتفكر والتدبر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم الأثنين 30 أكتوبر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالَمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد فإن أهمية الإعداد الخلقي للشباب هو أن الأخلاق مجالها الحياة كلها، وسلوك الإنسان كله، وعلاقاته بربه وبنفسه وبالآخرين بل وبالمخلوقات كلها، فالإعداد الخلقي للشباب هو الذي يجعل من الصفات الحسنة، كالصدق والأمانة، والإخلاص والوفاء، والشجاعة والعفة، والمروءة والعدل وغيرها عادات في سلوك الشباب وحركته الدائبة، كما تجعله نافرا في سلوكه اليومي من الصفات السيئة، كالحسد والحقد، والخيانة والكذب، والظلم والغدر وغيرها، وبهذا الإعداد يتجنب الشباب مظاهر غير مرغوبة في السلوك الإنساني، كالحمق والتكبر، والصلف والتهور، والخوف والجزع. 

وقبول الذل والمهانة، والخشونة والغلظة في معاملة المؤمنين، وإن المتأمل في واقع المجتمع في العصر الحالي ليلمس وبكل سهولة مدى التدهور الأخلاقي وإنعدام العديد من القيم التي كانت تميز ذلك المجتمع حيث نرى انتشار الكذب بصورة كبيرة وإنتشار الرزيلة، بل لقد أصبح الحياء عملة نادرة وانتشر التهور بين جموع الشباب وغاب التوقير والاحترام داخل الأسرة وتقطعت الأرحام وقل الإخلاص وكثير من المظاهر التى تعبر عن التدهور الأخلاقي، فما أحوجنا إلى الاعتبار والتفكر والتدبر، فإن ذلك مما يقوّي الإيمان، ويوسّع المدارك، ويجلب محبة الله عز وجل، والخوف منه، والرجاء في عفوه ورحمته، فإن الإعتبار هو حقيقة أكدها الإسلام، وحث على التمسك بها. 

وحذر تعطيل الإنسان للحواس التي يستقي من خلالها العقل معرفته ورؤيته، وتدرج بالعقل في عملياته من التفكر والتأمل والتدبر والاعتبار للوصول إلى الحقيقة والغاية من الحياة، والإجابة على سؤال المصير. وقد طالب القرآن الكريم أتباعه بأن ينتقلوا من الحالة العقلية التي يخلقها التفكر والتأمل إلى الحالة الإيجابية ألا وهي الاعتبار، تلك العملية التي تنقلهم من حال إلى آخر، فالاعتبار فعل إيجابي مبني على رؤية عميقة جمعت بين التأمل في تجارب الآخرين وبين الرغبة في الاستفادة منها، وأخذها في الحسبان عند الشروع في حركة وفعل جديد يتلافى ما وقع فيه الآخرون من أخطاء وسوء تصرف، ولقد كان السلف الصالح نموذجا يحتذى به في التمسك بالحق مع الاعتراف بالخطأ فها هو الصحابي الجليل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 

يتراجع عن رأيه الذي ظهر له فيه خطأ، بعد أن نبهته امرأة لذلك، حين عزم على تحديد مهور النساء وعدم المغالاة فيه، فقد ورد في سنن البيهقي وغيره عن الشعبي قال ” خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وقال ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه و سلم أو سيق إليه، إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش، فقالت يا أمير المؤمنين أكتاب الله تعالى أحق أن يتبع أو قولك؟ قال بل كتاب الله تعالى فما ذاك؟ قالت نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء والله تعالى يقول في كتابه ” وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا” فقال عمر رضي الله عنه كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء، ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له” سنن البيهقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى